من «1» مضى من ملوك الأعاجم يتداولون بمسكنهم أربعة من مدن الأندلس: إشبيلية وماردة وطليطلة وقرطبة، ويقسمون أزمانهم على الكينونة بها.
1515 وكان سور إشبيلية من بناء الإمام عبد الرحمان بن الحكم بناه بعد غلبة المجوس عليها بالحجر أحكم بناء. وكذلك جامعها اليوم من بنائه وهو من «2» عجيب المباني وجليلها، وصومعته بديعة الصنعة غريبة العمل أركانها الأربعة عمد (فوق عمد) «3» إلى أعلاها، في كلّ ركن ثلاثة أعمدة. فلمّا مات عبد الرحمان بن إبراهيم بن حجّاج- وذلك في محرّم سنة إحدى وثلاثمائة- (قدّم أهلها) «4» أحمد بن مسلمة، وكان من أهل البأس والنجدة، فأظهر العناد وجاهر «5» بالخلاف، فأخرج إليه (عبد الرحمان بن محمّد) «6» قائدا (من قوّاده) «7» بعد قائد حتّى افتتحها على يدي الحاجب يوم الاثنين لخمس خلون من جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثمائة «8» ، (واستعمل عليها سعيد) «9» بن المنذر المعروف بابن السليم، فهدم سورها وألحق أعاليه بأسفله وبنى القصر (القديم المعروف بدار الإمارة) «10» وحصنه بسور صخر رفيع وأبراج منيعة «11» ، وهو على ذلك إلى اليوم. وبنى سور المدينة (في الفتنة بالتراب. وله من) «12» الأبواب باب أبي العاص «13» غربي ومنه الخروج إلى الشرق، وباب حميدة غربي أيضا (بإزاء المقبرة، وباب قرمونة) «14» شرقي.
ويطلّ على إشبيلية جبل الشرف، وهو شريف البقعة كريم التربة دائم الخضرة فراسخ في فراسخ طولا وعرضا، لا تكاد تشمس منه بقعة لالتفاف زيتونه واشتباك غصونه. ولها كور جليلة ومدن «15» كثيرة وحصون شريفة.