لكلّ كوكب سبع سنين، فإذا بلغ هذه المنزلة سمّي ناظرا وكان يجلس (مع الملك في مرتبته) «1» ويصدر الملك عن رأيه ولا يعصي له أمرا. وكان من رسمهم أن يدخل إلى الملك كلّ يوم فيجلس إلى جانبه ويدخل الكهنة ومعهم أصحاب الصناعات، فيقفون حذاء الناظرين. وكلّ واحد من الكهنة منفرد بكوكبه يخدمه لا يتعدّاه إلى سواه ويسمّى عبد كوكب كذا. فيقول الناظر للكاهن: أين صاحبك؟ فيقول: في البرج الفلاني في درجة كذا ودقيقة كذا. فإذا عرف مستقرّ الكواكب «2» من جميع خدمتها قال للملك: ينبغي أن يصنع اليوم بنيان كذا ويوجّه جيش إلى مكان كذا ويأكل الملك في وقت كذا، وجميع ما يراه له «3» صلاحا في دقيق أموره وجليلها. والكاتب قائم يكتب جميع ما يقوله الناظرون ممّا يتّفقون على إمضائه وتصريف فعله، ثمّ يلتفتون إلى أصحاب الصناعات فيقولون: انقش أنت صورة كذا وكذا على حجر كذا، وصوّر أنت تمثالا كذا واغرس أنت كذا، حتّى يأتوا على جميع الأعمال، فيخرجون إلى دار الحكمة ويضعون أيديهم في تلك الأعمال.
ويستعمل الملك جميع ما يقوله الناظرون ويؤرّخ ذلك اليوم في الصحيفة «4» وتطوى وتودع خزائنه. فعلى ذلك جرت «5» أمورهم، وكان الملك إذا حزنه «6» أمر أو همّ (به همّ أضمره) «7» جمعهم خارج منف واصطفّ لهم الناس في الشوارع والطرقات، ثمّ يمرّون ركبانا يقدم بعضهم بعضا فيدخل كلّ واحد منهم بأعجوبة، فمنهم من يعلو وجهه نور مثل نور الشمس ولا يقدر أحد (أن ينظر إليه) «8» ، ومنهم من يدخل راكبا أسدا، ومنهم من يتوشّح بثعابين عظام، ومنهم من يكون عليه قبّة من نور، في صنوف من العجائب كثيرة إلّا أنّ كلّ واحد منهم إنّما يصنع ما يدلّ عليه كوكبه. فإذا دخلوا على الملك قالوا: أرادنا الملك لكذا والصواب فيه «9» كذا.