وبها فواكه وأشجار فستق وبندق، وليس بتلك النواحى بندق إلا بمدينة لاشتر فإنّ بها بندقا، وليس بجميع الجبال نخيل إلا بالصيمرة والسيروان وشابرخاست، وهى نخيل قليلة؛ وأهل قمّ كلهم شيعة، والغالب عليهم العرب، وقاشان مدينة صغيرة، بناؤها وبناء قمّ الغالب عليه الطين، أما سائر ما ذكرنا من مدن الجبال سوى الرىّ فإنها صغار متقاربة.
وليس بجميع الجبال «1» بحر صغير ولا كبير، ولا بها نهر تجرى فيه السفن، والغالب عليها كلها الجبال، إلا ما بين همذان إلى الرىّ وإلى قمّ، فإن الجبال هناك قليلة، وأما الذي يحيط بالجبال من حدّ شهرزور، ممتدا على حلوان والصيمرة والسيروان واللور إلى إصبهان وحدّ فارس راجعا على قاشان إلى همذان، حتى ينتهى إلى قزوين وسهرورد على حدود أذربيجان، إلى أن يعود إلى شهرزور، فإنها كلها جبال لا يكاد يوجد فيها فضاء كبير لا يرى منه جبل «2» . فأما الرىّ فإنّا ضممناها إلى الديلم، وإن كانت قائمة بنفسها، لآن اتصالها بها اتصال واحد، وليس بينهما حاجز تستحق به الانفراد عنها، فمرّة من الجبال ومرّة من عمل خراسان؛ والرىّ مدينة ليس بعد بغداد فى المشرق أعمر منها، إلا أن نيسابور أكبر عرصة منها، فأما اشتباك البناء والبساتين «3» والخصب والعمارة فهى أعمر، وهى مدينة مقدارها فرسخ ونصف فى مثله، الغالب على بنائها الطين.
ومن الجبال المذكورة بهذه الكورة جبل دنباوند، جبل مرتفع «4» يرى فيما بلغنى من خمسين فرسخا لارتفاعه وما بلغنى أن أحدا ارتقاه، ويتحدث فى خرافات الفرس أن الضحاك حىّ فى هذا الجبل، وأن السحرة من جميع أقطار الأرض تأوى إليه. وجبل بيستون جبل «5» ممتنع لا يرتقى إلى ذروته، وطريق الحاج تحته سواء، ووجهه من أعلاه إلى أسفله أملس حتى كأنه منحوت، مقدار قامات كثيرة من الأرض قد نحت وجهه وملّس، ويزعم الناس أن بعض الأكاسرة أراد أن يتخذ جوف هذا الجبل موضع سوق، ليدلّ به على قوته «6» وسلطانه، وعلى ظهر هذا الجبل بقرب الطريق مكان يشبه الغار فيه عين ماء تجرى، وهناك صورة دابّة كأحسن ما يكون من الصور، زعموا أنه صورة دابة كسرى «7» المسماة شبديز، وعليه كسرى وصورة شيرين. وليس بهذه النواحى جبل عظيم مذكور إلا ما ذكرنا، غير أن جبل سبلان أعظم من دنباوند، والحارث بدبيل أعظم منهما.