مفارقة اللذّات وملك نفسه فى منع الشهوات ارتقى به الى مقام المقرّبين ثمّ لا يزال يتنزّل فى درج المصافاة حتّى يصفو عن البشريّة طبعه فاذا لم يبق فيه من البشريّة نصيب حلّ فيه روح الله الّذى كان منه عيسى بن مريم فيصير مطاعا فلا يريد شيئا الّا كان من كلّ ما ينفذ فيه امر الله وانّ جميع فعله حينئذ فعل الله وجميع امره امر الله، فكان يتعاطى هذا ويدعو الى نفسه بتحقيق ذلك كلّه حتّى استمال جماعة من الوزراء وطبقات من حاشية السلطان وامراء الامصار وملوك العراق والجزيرة والجبال وما والاها وكان لا يمكنه الرجوع الى فارس ولا يطمع فى قبولهم ايّاه فخاف على نفسه منهم لو ظهر لهم فأخذ وما زال فى دار السلطان ببغداد الى ان خيف من قبله ان يستغوى كثيرا من اهل دار الخلافة من الحجّاب والخدم وغيرهم فصلب حيّا الى ان مات ومنهم الحسن الجنّابى ويكنى بابى سعيد من اهل جنّابة كان دقّاقا اظهر مذهب القرامطة فنفى عن جنّابة فخرج منها الى البحرين فاقام بها تاجرا يستميل العرب بها ويدعوهم الى نحلته حتّى استجابوا له وملك البحرين وما والاها فكان من كسره عساكر السلطان وعيثه وعدوانه على اهل عمان وسائر ما يصاقبه من بلدان العرب ما قد انتشر ذكره حتّى قتل وكفى الله امره، ثمّ قام ابنه سليمان بن الحسن فكان من قتله الحاجّ وانقطاع طريق مكّة فى ايّامه والتعدّى فى الحرم وانتهاب كنوز الكعبة وقتل المعتكفين بمكّة ما قد اشتهر ذكره، ولمّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015