العشاء ثم انصرفَ، فلا ينبغي أنّ يُوتِر حتَّى يأتي بشَفْعٍ. وقال عنه (?) ابنُ نافع: لا بأس أتى يُوتِرَ بواحدةٍ في بيته.
فوجه رواية ابن القاسم: فعلُ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - وأصحابه بعدَهُ.
ومن جهة المعنى: أنّ وقتها واحدٌ، لاختصاص هذا الشَّفْع بالوتر، حتّى نسب إليه وسُمِّيَ باسمه، فوجب أنّ يُفَارِقَه.
ووجه رواية ابن نافع: أنّه أَوْجَدَ الوِتْرَ في وقته ليفعل (?) في الحين (?).
قال المؤلِّفُ: في هذا الباب تسع مسائل:
المسألة الأولَى:
قد بيَّنَّا أنَّ الوِتْرَ سُنَّةٌ. وأمّا ركعتا الفجر، فقيل فيهما: إنّهما من الرَّغائب. وقيل: إنّهما من السُّنَنِ المؤكَّدَةِ. وليس في الشّريعة بعد الصّلوات الخمس آكد من الوِتْرَ ورَكْعَتَي الفجر. ولذلك أسكتَ عُبَادَةُ المؤذِّنَ (?). وقد يكون التّرغيب في الشَّيْءِ الواجب، لكنّ (?) الفقهاء أوقفوا هذا اللّفظ على ما تَأَكَّدَ من المندوب إليه (?).
المسألة الثّانية (?):
اختلفَ العلماء في المعنى الّذي تستحق به النّوافل الوَصْفَ بالسُّنَنِ. فعند أشهب أنّ السُّنَنَ منها: كلُّ ما تَقَرَّرَ ولم يكن للمكلَّفِ الزِّيادة فيه بحُكْمِ التَّسمية المختصَّةِ به كَالْوِتْرِ، ولذلك قال في "المجموعة": رَكْعَتَا الفجر من السُّنَنِ. وعند مالكٌ: إنّ السُّنَنَ من النّافلة، ما تكَرَّرَ فعلُ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - في الجماعات، كصلاة العِيدَيْن