حديث عبادة (?)؛ قال: كَذبَ أبو محمدٍ، سمعتُ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - يقول: "خَمْسُ صلواتٍ كَتبَهُنَّ اللهُ على العِبَادِ" الحديث.

قال الإمام: هذا حديثٌ من معظم أُصولِ العبادات، وقال بعض العلماء (?): سَنَدُ (?) هذا الحديث في "الموطَّأ" مجهولٌ (?)، وهو حديث رواه يحيى بن سَلّام عن يحيى بن سعيد (?).

والمتعلّق منه الكلام على معنى قوله: "اسْتِخفَافًا بِحَقَّهِنَّ " فاعلم أنّ تارك العبادات على ضربين:

غير قاصدٍ، كالنّاسِي والنائم وما أشبههما، واللَّومُ عنه مرفوعٌ شَرْعًا.

وقاصدٌ تركها، إمّا للاشتغال بغيرها، أو تركًا (?) مجردًا, ولا يكون ذلك على إلاستخفاف الّذي هو في لسان العرب: التّهاونُ والاحتقارُ، مشتقٌ من الخِفَّةِ؛ فإن المرءَ إذا اعتقد الشَّيءَ عَظيمًا هَابَهُ ووفّاهُ من الخدمة حَقَّه. وإذا اعتقدَهُ خفيف الوَطْأَة هَيَّنَ المَدْرَكِ احْتَقَرَهُ. وهذا الاستخفاف إمّا أنّ يكون عن رَبِّ الرُسُلِ (?) تعالى، أو في المُرْسَلِ - صلّى الله عليه وسلم -، فيكون بهذا كافرًا مُخَلَّدًا في النَّارِ. وأمّا أنّ يكون عن تغَافُلٍ عن عذاب الله تعالى واغتِرَارٍ بالأمَلِ، فذلك فاسقٌ عند أكثر العلماء. وهو القسمُ المراد في الحديث، بدليل قوله: "إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ, وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ" (?) ولو كان القسم الّذي يكون به كافرًا لما جَعَلَهُ تحت المشيئة. وقد ينقسم التَّرْكُ للاشتغال بعد هذا، إلَّا أنّ يكون الشُغْلُ بفَرْضٍ يتعيَّن، كإنجاء الغَرْقَى، وإنقاذ الهَلْكَى، وشِبْهِ ذلك، فهذا قسمٌ محمودٌ. فهذا اشتغل بهذين وتركهما، كان أيضًا مُسْتَخِفًّا؛ لأنّه ترك الأَعْلَى للأَدْنَى، والأكبر للأَجَلَّ، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015