نكتةٌ (?):
قال الإمام: ووجهُ الجمعِ بينهما؛ أنّ النّبىَّ - صلّى الله عليه وسلم - تشاور مع أصحابه كيف يجتمعون (?) وقت الصّلاة، فقال بعضُهم: اتّخذُوا قرنًا مثل قرن اليهود. وقال بعضهم: اتَّخذُوا نَاقُوسًا مثل ناقوس النَّصارَى. وقال بعضهم: أَوْقِدُوا نَارًا. وقال عمر: نادوا بالصّلاة؛ كانّه يقول: الصّلاة الصّلاة، لا تفصيل الأذان وكيفيته. قال: فتوقَّفَ النّبي - صلّى الله عليه وسلم - ينظر في ذلك، فرأى عبد الله بن زَيْد وعمر بن الخطّاب الرُّؤيَا فيه. وسبقَ عبد الله بن زيد إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - فَأَعْلَمَهُ، وأمر رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - بذلك، وقال: "إنّ هذه لَرُؤيَا حَقّ" (?) وسمعَ عمر الأمر، فأخبر برؤياهُ، فحمدَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - على ما كان من الإرشاد إلى الحقِّ، وألهم إليه من انتظام الأمر.
نكتةٌ أصوليّة (?):
قال علماؤنا: في هذا الحديث دليلٌ عظيمٌ على أصلٍ من أصولِ الفقه، وهو القولُ بالقياس في الدِّين والاجتهاد، ألَّا ترى إلى مشاوَرةِ رسولِ الله - صلّى الله عليه وسلم - مع أصحابه في الأذان ولم ينتظر في ذلك وَحْيًا ولا طلبَ منه بيانًا، وإنّما أراد أنّ يأخذ فيه ما عند إصحابه من رَأي يستنبطونَهُ من أصول الشّريعة، ويَنْتَزعُونَه من أغراضها. فلما جاءت الرُّؤيا بنظم الأذَان وسَرْدِهِ، أمرَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - به (?) لكونه أَصْوب الآراء، لما فيه من الخروج عن التَّشَبُّه (?) بأهل الكتاب والمجوس، ولما فيه من ذِكرِ الله؛ ولأنّه معنى خُصَّت به هذه الأُمَّة لم يكن لأحدٍ من هذه الأُمَمِ قبلَها، ولله الحمد على ذلك.
عربيته:
أصلُ الأذان في اللّغة الإعلام، قال الله تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (?) أي: إعلام لهم. والعربُ تقول: رأيت فلانًا يعلم، أي يجهر بالصّوت. ومعناه: