قلنا: فيه احتمال بعيدٌ، والصّحيح لا يعيدها لأنّها قد وقعت موقعها بعد وجود شَرطِها وهو الغُسْلُ، ونزولُ الماء بعد ذلك أمرٌ ثانٍ، كما لو جامع ثانية أو تَذَكّرَ فأنزل.
تتميمٌ:
قال الإمام الحافظ: والتقاءُ الخِتَانَينِ يُوجِبُ الغُسل قرآنًا وسُنَّةً. أمّا القرآن، فقوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (?) وإن كان اللّمس في أحد التّأويلات يُرَادُ به الجماع فهو يتناول الغُسل. وأمّا السُّنَّة، فقول عائشة - رضي الله عنها -؛ إِنَّ النّبيَّ -صلّى الله عليه وسلم- كان يغتسلُ بالتقاء الخِتَانَينِ دون إراقة الماء، ثم تأكّد البيان بما رَوَت عائشة - رضي الله عنها -؛ أنّ رَجُلًا سأل النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- وعائشة جالسة: هل يجب على الرَّجُل غسل إذا التقى الخِتَانَانِ وإن لم يُنزِل؟ فقال: "إني لأفعل أَنَا وَهَذِهِ هذا ثمَّ نَغتَسِل" (?)، فأجابه النّبيُّ -صلّى الله عليه وسلم- في البيان عن فعله. ثم تأكَّدَ البيانُ ثالثًا بما رَوَى أبو هريرة؛ أنَّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا جَلَسَ بَينَ شُعبِهَا ثمَّ جَهَدَهَا، فَقَد وَجَبَ الْغُسلُ وإن لَمْ يُنْزِل" (?)، وتأكّد البيان أيضًا رابعًا في إرسال المهاجرين والأنصار إلى عائشة، فأعلمت بالأمر على نصِّه وأَعلَمَتْهُم بما وقع الاتِّفاق وارتفعَ الخلاف واستقرَّ الحُكْم في الدِّين، ولا أعلم في ذلك خلافًا بين أحد من المسلمين، إلَّا أنّه قد وقع للبخاريّ في "جامعه ومصنّفه" (?) لفظةٌ مُنكَرَةٌ، فإنّه ذكر اختلاف الأحاديث ثم قال: "والغُسلُ أحوطُ، وإنّما بيَّنَّا ذلك لاختلافهم" (?)، وهذا خطأ