وقد صرَّح ابن بَشْكُوال أنّه سمع بقرطبة وإشبيلية كثيرًا من روايات شيخه وتآليفه، وهو أوّل مَنْ سجَّل تاريخ مولد أبي بكر بن العربي؛ لأنّه سأله عنه، كذلك نرجِّح لأنه ظَلَّ المورد الّذي نهل منه جُلّ من تكلم عن تاريخ مولد ابن العربيّ. وانحياز ابن بَشْكُوَال إلى شيخه ظاهرٌ جَلِيٌّ؛ فإنّه ضرَبَ صَفْحًا ووَرُّى علينا خبر المطاعن الّتي وُجِّهَت إلى شيخه، وأشار إليها قبلَه عياض في "الغُنية" وتداولتها الرُّواة، وتُحُدِّث بها في المجالس، وتمحَّض ابن بَشْكُوال لتسجيل الثّناء العَطر الّذي تصوّره هذه التّحلية: "الإمام، العالم، الحافظ ختام علماء الأندلس، وآخر أيمتها وحفّاظها".
وتصوّره هذه الأحكام الّتي ننقُلها عنه في هذه الفقرة (?) على أنه كان ينظر إلى ابن العربيّ بعين واحدة كليلة هي عين الرضا:
"وكان من أهل التفنُّن في العلوم، والاستبحار فيها، والجمع لها. متقدمًا في المعارف كلّها، متكلّما في أنواعها، نافذا في جميعها، حريصا على أدائها ونشرها، ثاقب الذهن في تمييز الصواب منها. ويجمع إلى ذلك كلّه آداب الأخلاق، مع حسن المعاشرة ولين الكنف، وكثرة الاحتمال. وكرم النفس، وحسن العهد، وثبات الوعد. واستُقْضِي ببلده فنفع الله به أهلَه لصرامته وشدَّتِه ونفوذ أحكامه. وكانت له في الظالمين سورة مرهوبة، ثم صُرِفَ عن القضاء، وأقبل على نشر العلم وبثِّه" (?).