نتردَّدُ في الجزم بالتّطابق، ونعبِّرُ بالقُرْب من التّطابُق. على أن في الأمر سَعَة للبحث والتّدقيق والتّمحيص.

التّرجمة الثانية لأبي القاسم خَلَف بن عبد الملك بن بَشْكُوَال (ت. 578 هـ)، وهذه التّرجمة فيها من العناصر ما يتكامل مع ترجمة القاضي عياض، ولا نبعد في الادِّعاء إذا جنحنا إلى القول بأن ابن بَشْكُوال اتَّكَأَ على عياض، لا لأنّه تأخّرت وفاته عنه، ولا لأنّه اطلع على ترجمة أبي بكر عند عياض، ولكن لِمَا نعلَمُه من الصِّلات العلميّة بينهما، وكانا على تعاوُنٍ تامّ في ميدان التراجم، وقد أكثر ابن بَشْكُوال من النقل في صلته (?) عن عياض مصرِّحًا بذلك بعبارات منها: "أفادَنِيهِ عياض مِمَّا كتبَ به إِلَيَّ، تولَّى الله كرامته"، ويغلبُ ذلك في الغُرَباء.

على أنّ ترجمة ابن بَشْكُوال فيها مكان لقائه بأبي بكر، مؤرَّخًا بضحوة يوم الاثنين لليلتين خَلَتَا من جمادى الآخرة من سنة: 516هـ وُيستشفُّ من هذه الترجمة التقدير البالغ الّذي يصلُ إلى حدّ التّهويل، مثل قوله: "وقدم بلده إشبيلية بعِلْمٍ كثيرٍ لم يُدخِله أحدٌ قبلَه مِمّن كانت له رحلة إلى المشرق"، وهو تهويل لا يمكن أن يخفِّف من غلوائه إلّا أن يُحملَ على أنّ إشبيليّة لم تنل حظّها من عطاء الرّاحلين إلى المشرق على توالي طبقاتهم؛ لأنّها لم تكن سوق العلم نافقة فيها نفاقها في جارتها قرطبة، يصوّر ذلك زعم من ذهب إلى أنّ العالِم إذا مات بإشبيلية تُحمل كتبه إلى قرطبة؛ لكساد سوق العِلْم بإشبيليّة ونفاقها بقرطبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015