نظرنا إلّا عصبية مصموديّة، حملت ابن تُومَرْت على السَّعْي لانتزاع السُّلطان من صنهاجة الصّحراء. كما أن القول بالتّوحيد والمهديّة وعَصْمَة الإمام ما هي إلّا دعوات سياسيّة استخدَمها ابن تُومَرْت في تحقيق غاياته، وقد اجتهد أيّما اجتهاد في توجيه الاتّهامات إلى المرابطين دون حقّ، وجاء مؤرِّخُو الموحَّدين فحملوا على المرابطين حملة ظالمة، استغلّها في عصرنا كبار المستشرقين، أمثال الهولندي راينهارت دوزي [R.عز وجلozY] وغيره ممن يحملون بين جنباتهم قلبًا مفعمًا بكُرْهِ الإسلام وأهله، ومن أسَفٍ فإنّنا نرى بعض المؤرِّخين من بني جلدتنا يردِّدون كلام دُوزِي من غير بحثٍ ولا تمحيص.
وفي هذا الموضوع تقول الأستاذة عصمت دندش في مقالها الماتع: "كلّمة حقّ في المرابطين" (?): "لقد وُصِمَ المرابطون بالقسوة، وأنّهم أجلاف بَدْوٌ، غزوا الأندلس طمعًا في خيراتها، فحكموها بالحديد والنار، ولكن من خلال المصادر يتبّين أنّ الحكم المرابطي كان نموذجًا متقدّمًا للحُكم الدِّيمقراطي -إذا جاز لنا أن نستعمل هذا اللفظ- الّذي تفتقِرُه الكثير من الدُّول المعاصرة في وقتنا. وكان للمرابطين الفضل في المزج بين ثقافة وحضارة الأندلس مع ثقافة المغرب والسّودان، وأياديهم البيضاء وجهادهم في نشر الإسلام والثّقافة العربية جنوب الصحراء، لا ينكره إلّا جاحد لا يقرّ الحقيقة. وبرغم النّقد الشديد الّذي وُجِّه لأمراء المرابطين بسبب ما أتاحوه للفقهاء من سُلْطَةٍ وسُلطانِ، فلم يكن للفقهاء في دولة المرابطين من السُّلطان أكثر مما كان لهم في