والخلافة العباسيّة منذ قيام الدّولة الأمويّة في الأندلس قبل أكثر من ثلاثة قرون.
لقد كانت حركة المرابطين حركة رشيدة في الحكم، سديدة في السياسة، منقذة للإسلام من الخطر الّذي داهمه في الأندلس، فالمرابطون هم الّذين وحَّدُوا المغرب الإِسلاميّ لأوّل مرّة سياسيًّا ودينيًّا، وقَضَوا على التمزُّق السياسيّ والمذهبيّ، وهم الّذين أوقفوا التقدم النّصرانيّ في عدّة معارك حاسمةكالزّلّاقة -الّتي أشرنا إليها سابقًا- وأُقْليش [ucles] عام 501هـ/ 1108م، وإفْراغَه [fraga] عام 528 هـ/1143م، فكانت هذه الانتصارات سببًا في ثبات جبهة الأندلس بعد أن أوشكت على الانهيار في عصر الطَّوائف، فبَقِيَ الإسلام والمسلمون بعهدها ما يقرب من أربعة قرون (?).
وفي أثناء هذا الصّراع الطّويل مع النصارى في الأندلس، تُوفِّيَ يوسف بن تاشفين سنة:500هـ/1107م بعد حُكمٍ دام سبعًا وثلاثين سنة:، حافلة بالعمل والجهاد، وخَلَفَه ابنه عليّ، فسار بأمور الدّولة سيرًا حثيثًا إلى الأمام، وسجّل اسمه بين عظماء تاريخ المغرب الإِسلامي.
وبينما كان عليّ بن يوسف يواصل جهاده وجهوده في المغرب والأندلس، بدأ محمد بن تُومَرت المعروف بمهدي الموحدِّين دعايته ضد المرابطين، واجتهد في تشويه سُمعتهم واتِّهامهم بالتَّجسيم والمروق من الدِّين، وما كان ذلك في