فأمّا إذا تماثَل الخَبَرانِ في الحُكْمَينِ، وأحدُهما عامٌ والآخرَ خاصُّ، فلا خلافَ بين العلماءِ المتقدِّمينَ والمتأخِّرينَ إلى زماننا هذا أنّهما يتوافقان، كقوله: "لا صلاةَ بعدَ الصُّبحِ حتّى تَطلُعَ الشَّمْسُ"، وكقوله: إلا تَحَرَّوْا بصلاتِكُم طُلُوعَ الشَّمسِ ولا غُرُوبَها" فإنّهما متماثلان في الحُكم، وأحدُهما أعَمُّ من الآخر فيتماثلُ العامُّ والخاصُّ، لكن يُفِيد الخاصَّ مَزيْدُ تأكيدٍ في الحكم المبين بِهِ، فتأمَّلُوا هذا الفصل فإنّه زلَّت فيه أقدامُ جماعةِ (?)

مزيد إيضاح (?):

قال: (?): ثمّ وجدنا النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - قد قال: "مَنْ نامَ عن صلاةٍ أو نَسِيَهَا فَليُصَلِّها إذا ذَكَرَهَا" (?) فتعارضَ هذا الأمرُ إذا ذكَرَها بعدَ الصُّبحِ مع النَّهي عن الصَّلاة بعد الصُّبح. فأمّا مالكٌ (?) - رضي الله عنه - والشّافعيّ (?) فقدَّمَا الأمرَ على النَّهيِ، وقدَّمَ أبو حنيفةَ (?) النّهيَ على الأمرِ. ولقد كان على قِبلَةٍ لو تَمَادَى عليها, لكنّه ناقضَ الجماعةَ في ذلك فقال: إن ذَكَرَ صُبحَ اليومِ أو عَصْرَ اليومِ في وقتِ النّهيِ صلّاها, فناقضَ مناقَضَةً بيِّنةً, لكنّه تعلَّق بقوله: "لاَ صلاةَ بَعْدَ العَصْرِ" يعني: بعدَ صلاةِ العصرِ من يَوْمِهِ (?). فنقول: قد تقدَّم الأمرُ على النَّهيِ ههنا بتأكيد قوله: "لا وقتَ لها إلّا ذلك".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015