الحديثُ الثامنُ: حديثُ عائشة - رضي الله عنها -؛ أنّها قالت: ما تركَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - قطُّ في بيتي ركعتينِ قبلَ الصّبح، وركعتينِ بعد العصرِ حتّى توفّاهُ الله. خَرَّجَهُ البخاريُّ (?).
تفريع (?):
اختلفَ العلماءُ في قولِه: "لا تصلُّوا بعد العصر" الحديث (?):
قلنا: هل يريدُ بذلك الوقتَ، أو نَفسَ الوَقتِ من الصّلاةِ؛؟ وعلى هذا انبنىَ الخلافُ
للعلماءِ في صلاةِ الجنازةِ بعدَ العصرِ، إذا بَقِيَ من الوقتِ شيءٌ.
فإن قلنا: إنّ المرادَ به بعدَ صلاةِ العصرِ، لم يُصَلَّ على الجنازةِ.
وإن قلنا: إنّ المرادَ به بعد وَقتِ العصرِ، صُلِّيَ على الجنازةِ.
والصّحيحُ: أنّ المرادَ به بعدَ صلاةِ العصرِ، لوجهينِ:
أحدُهما: أنّ العصرَ والظُّهرَ والمغربَ قد صار ذلك أعلامًا للصّلواتِ، فمُطلَقُ اللَّفظِ إليها يَرْجِعُ، والخطابُ عليها يُحْمَلُ.
الثّاني: أنّه قال: "لا صلاةَ بعدَ الصُّبح حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ" ولو أراد الوقتَ لاستحالَ هذا الكلامُ؛ لأنّه ليس بين وقت الصُّبح وبينَ طلوعِ الشّمس حدٌّ للنَّهيِ المذكورِ.
واتفَقَ العلماءُ على تأويل الوقتين.