وتعلّق من قال إنها مكتسبةٌ، بحديثِ معاذ هذا بقوله: "حَسِّن خُلُقَكَ لِلنَّاسِ".
ولاشكّ أنّ الخُلُقَ الحسن محمود شرْعًا وعادةً، فالخُلُقُ الحسنُ، والإيمانُ والكفرُ، والعِلمُ والجهلُ، واللِّينُ والشِّدَّةُ، والسّخاءُ والبخلُ، وما أشبه ذلك من الصّفات والأشباه، والمحمود والمذموم يدورُ على عشرين خصلة.
وقد أتقنَ مالكٌ هذا الباب ورتَّبَهُ، وذكر حديث عائشة قالت: "كَانَ خُلُقُ رَسُولِ الله - صلّى الله عليه وسلم - القُرآن" (?)؛ لأنّه تأدَّب فيه بآداب الله، وكلُّ من لا يتأدَّب بآداب الله في القرآن، فإنّه لا يحسن أنّ يُحمَدَ أبدًا، ولا يحمد أبدًا، فلمّا تأدّب رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - بآداب القرآن، وتخلَّقَ به، أَثنَى عليه المولَى جلَّت قُدرتُه فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (?).
نكتةٌ:
وإنّما أوصى رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - لمعاذ بحُسنِ الخُلُقِ وهو قائم؛ لأنّه كان أميرًا، والأميرُ أحوجُ النَّاسِ إلى توسعة الخُلُق لرعيَّته، وكأنّه أشار له أنّ يقتديَ به لأنّه الأسوة الحسنة للنَّاس كافّةً.
وأنشدني بعضُ الأصحابِ:
فَأَيُّ نَبِيٍّ كَانَ للنَّاسِ مثلَه ... له جُمِعَ الإحسانُ من كُلِّ جَانِبِ
فمكارمُ أخلاقٍ وفضلٌ ورحمةٌ ... وبَيْتٌ رَفِيعُ السَّمكِ عَالِي الجَوَانِبِ
توسَّط عِزًّا من قريش مُنَعَّمًا ... وَجَاءَ بِمَجدٍ من لُوَيِّ بن غالبِ