وأمّا تركُ الصّلاةِ عليهم جملةً إذا ماتوا، فلا، بل السُّنَّةُ المجتمعُ عليها أنّ يُصَلَّى على كلِّ من قال: لا إله إِلَّا الله محمّدٌ رسول الله، مبتدعًا كان أو مرتكبًا للكبائر، ولا نعلم أحدًا من فقهاء الأمصار وأيمّة الفتوى يقول في ذلك بقول ظاهر مالك (?).

وأمّا شهادتهم، فإنّ مالكًا شَذَّ في ذلك، إِلَّا ابنَ حنبل فإنّه قال: ما تُعجِبُنِي شهادةُ الجهمّية، والرّافضةِ، ولا القَدَرِيَّةِ، قال إسحاقُ: وكذلك كلُّ صاحِبِ بدعةٍ.

وهذه المسألة انفرد بها مالك، وجماعةُ الفقهاء أبو حنيفة (?) والشّافعيّ وأصحابهما والثوريّ والطّبريّ وسائر من تكلّم في الفقه إِلَّا مالكًا وطائفة من أصحابه، على قَبُولِ شهادة أهل البدع القَدَرِيَّة وغيرهم إذا كانوا عُدُولًا لا يَستَحِلُّونَ الزُّورَ، ولا يَشهدُ بعضُهُم على تصديق بعضٍ في خَبَرِهِ ويمينه كما تَصنَعُ الخطّابيّةُ (?).

وقال الشّافعيُّ: وشهادةُ من يَرَى إنفاذَ الوعيدِ في دُخولِ النَّارِ على الذَّنبِ إنَّ لم يَتُب منه، أَولَى بالقَبُولِ من شهادةِ من يستخِفُّ بالذُّنوبِ (?).

قال أبو عمر (?): "كلُّ من يجيزُ شهادتَهُم لا يرى استتابتَهُم ولا عَرضَهُمْ على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015