وفرق بينهما بعض أصحابنا -وهو مذهب أبي حنيفة (?) - وقد تقدّم الكلام عليه.

وعندنا: أنّ المحارِبَ في العصر وغيره سواء، قاله ابن القاسم وأشهب في "كتاب ابن سحنون" وفيه اختلاف.

واختلف علماؤنا في بقائه على الجِذع إذا صُلبِ (?)، فقال أَصبَغُ: لا بأس أنّ يخلَّى لمن أراد من أهله وغيرهم إنزاله، ويصلِّى عليه وُيدفن كسائر من قُتِل في حدِّ.

وَوَجهُهُ: أنّه مات على الإسلام، قُتِلَ في عقوبةٍ، فثبت له حكم الصّلاة عليه كسائر من قُتِلَ في حدٍّ.

وروى ابن سحنون عن أبيه (?): إذا صُلِبَ المحارِبُ أُنزِلَ في تلك السّاعة، ويُدفَعُ إلى أوليائه.

ورَوَى ابن حبيب عن ابن المَاجِشُون: أنّه لا يُمَكَّن منه وليّه ولا أهله ولا غيرهم حتّى تفنَى الخَشَبَة وتأكله الكلاب، وذلك تغليظًا منهم وازدجارًا للخَلقِ.

المسألة السّادسة (?):

وإذا رأى الإمام قَطعَهُ، فإنّه يَقطعُ يدَهُ ورِجلَهُ من خلافٍ. والأصلُ في ذلك القرآن المطلق، فتُقطَع يَدُه اليُمنَى ورِجلُه اليسرَى.

ولو كان أقطعَ اليُمنَى أو كانت شَلَّاءَ، فقد قال أشهبُ: تُقطَعُ يدُه اليسرى، ورِجلُه اليسرى.

وقال ابنُ القاسم: يدُه اليُسرَى ورِجلُه اليُمنَى.

ووَجهُ الأوّل: أنّ القطعَ أوّل مرّة متعلِّقٌ باليمين، فإذا مَنَعَ من ذلك مانعٌ انتقلَ إلى اليسرى، وبَقِيَ القطعُ في الرِّجل اليسرَى على ما كان؛ لأنّه لم يمنع منه مانع.

ووجه الثّاني: أنّ الخلاف مشروعٌ بنصّ القرآن، فإذا تعذَّرَ قطع اليد اليمنى والرِّجْل اليسرى، وانتقل إلى اليسرى، وجب أنّ ينتقلَ قطعُ الرِّجلِ اليسرَى إلى اليُمنَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015