فَأَسلَمُوا واجتَوَوا المدينةَ، فأَمَرَهُمُ النّبيُّ -عليه السّلام- أنّ يخرجوا إلى إِبِلِ الصَّدَقَةِ فيشرَبُوا مِنْ أبَوَالِهَا وأَلبَأنِهَا فَفَعَلُوا، فَقَتلُوا راعيَها وَاستَاقُوا الذَّودَ، فبعثَ النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - في طلبهم قَافَةً، فَأَتَى بِهِم فَقَطَعَ أَيدِيَهُم وَأَرجُلهُم ولم يَحسِمهَا، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُم وتَرَكهُم في الحَرَّةِ حتَّى مَاتُوا، فأنزل اللهُ تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية (?).

عربيّة:

قوله: "وَسَمَلَ أَعْيُنَهُم" السَّملُ: هو إخراج العين من محلِّها بالشوك.

وقوله: "سَمَلَ أَعْيُنَهُم" يُروَى بتخفيف الميم وبتشديدها، يقال: سَمَلتُها أَسمُلُها سملًا. والصّحيحُ: أنّ يكون السَّمل بالشَّوك.

ويروى: "سَمرَ أَعيُنَهُم" بالرّاء و "سمل" باللّام، بمعنى سملها فَقَأَ عينها بالشَّوك، كما قال أبو ذؤيب (?):

وَالعَينُ بَعدَهُمُ كَأَنَّ جُفُونَها ... سُمِلَت بشَوكٍ وهي عُورٌ تدمعُ

وقال أهل اللُّغة: الحَسمُ كَيُّ العروقِ بالنَّار لينقطع الدِّم.

المسألة الخامسة:

اختلفَ العلّماءُ في فعل النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - بالرُّعاة ذلك، فقال ابنُ شهاب: كان ذلك قبل أنّ تنزل الحدودُ.

وقال أنس: كان ذلك قصاصًا، وهو الصّحيح؛ فإنّ ذلك ظَنٌّ وقع من ابنِ شهاب، وأنس أعرفُ بالقضيَّةِ.

واختلف العلماء أيضًا في الحرابة في المصر، هل حكمها حكم المحارب في غير

المصر أم لَا؟

فالمشهور عندنا - وبه قال الشّافعيّ (?) - أنّهما سواء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015