وقيل: نزلت في عُكل وعُرَينَة، وهم الذين قتلوا رَاعي رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، واستاقُوا الذّودَ، فسُمِلَت أعينُهم، وقُطِّعَتْ أيديهم، وتُرِكُوا في الحَرَّةِ حتّى ماتوا على حالهم (?).
واختار أبو جعفر الطّبريّ (?) أنّها نزلت في يهود، ودخل تحتها كلُّ محارب.
وهذا لا يصحّ؛ لأنّه لم يبلغنا أنّ أحدًا من اليهود حارب، ولا أنّه جُوزِيَ بهذا الجزاء.
وقول من قال: إنها نزلت في المشركين أقرب إلى الصّواب؛ لأنّ عُكلًا وعُرَينَة ارتدُّوا وقَتَلُوا وأَفْسَدُوا، ولكن يبعدُ؛ لأنّ الكفّار لا يختلف حكمهم ولا يَلزَم صلبهُم في زوال العقوبةِ عنهم بالتّوبة بعد القدرة كما سقط قبلَها، وقد قيل في الكفار: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} الآية (?). وقال في المحاربين: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} (?) وكذلك المرتدُّ يُقتَلُ للردّة دون المحاربة (?).
قال (?): والمرتدّ يلزم استتابَتُهُ، وعند إصراره على الكفر يُقْتَل. وفيه روايتان:
قيل: يُستَتَابُ.
وقيل: لا يُستَتَاب.
وقد اختلف العلماءُ في ذلك على قولين:
فقيل: لا يستتاب؛ لأنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قَتَلَ هؤلاء ولم يَستَتِبهم.
وقيل: يُستَتَابُ المرتدُّ، وهو شهور المذهب (?)، وإنّما تَرَكَ النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - استتابةَ هؤلاء لما أحدثوا من القتلِ والمُثلَةِ والحرب؛ وإنّما يستتابُ المرتدُّ الّذي يرتاب، فيتربَّص به