قَطَعَ في بَيضَةٍ قيمتُها ثَلَاثُونَ دِرهَمًا (?)، وهذا الحديث لا يُسَاوِي سَمَاعَهُ. وإنّما معنى الحديثِ تحقيرُ العبد المُتعرِّضِ للسّرقةِ المُتَلَبِّسِ بدناءتِها، المُتَوَصِّلِ من قليلِها إلى كثيرِها، فإنّ الخيرَ عادةٌ، والشّرِّ لَجَاجَةٌ، ويعودُ ذلك إلى ضرب المَثَلِ، وذلك كثيرٌ في الشّريعة في تحقير المُحَقَّرِ وتعظيم المُعَظَّمِ، كقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "مَنْ بَنَى للهِ مَسجِدًا ولو مثل مَفحَصِ قَطَاة بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا في الجَنَّةِ" (?) والمرادُ بذلك: المبالغةُ في تعظيم ثواب المساجد مع صِغَرِ بنائها.
ووجه المَثَلِ: أنَّ مَنْ بني للهِ مسجدًا لا يصَلِّي فيه إِلَّا واحدٌ كأُفحُوصِ القَطَاةِ الّتي لا يَسَعُ سواها.
سَردُ أحاديث هذا الباب:
خرّجَ الأيمّةُ (?) عنِ ابنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - قَطَعَ في مِجَنِّ ثَمَنُهُ ثَلَاثةُ دَرَاهِمَ. وخرّج البخاريّ (?) ومسلم (?) عن عائشة رضي الله عنها أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "لَا قَطعَ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا، وعليه عوَّلَ مالكٌ. وروت عَمرَةُ ابنَةُ عَبدِ الرَّحمَانِ؛ أَنَّ سَارِقًا سَرَقَ في زَمَانِ عُثمَانَ بن عَفَّان أُتْرُجَّةً، فَأَمَرَ بِهَا عُثْمَانُ أنّ تُقَوَّمَ، فَقُوِّمَتْ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ من صَرفِ اثنَي عَشَرَ دِرهَمًا بِدِينَارٍ. فَقَطَعَ عُثمَانُ يَدَهُ (?).