كدَلَالةِ الدُّخان على النارِ، إِلَّا أنّ تدَّعِيَ أنّها استُكرِهَت، وتأتي على ذلك بِبَيَّنَةٍ أو بأَمَارةٍ، مِثلَ أنّ تأتي داميةً وهي بِكرٌ، أو استغاثت أو أُغِيثَت على تلك الحالِ. فإن لم تأتِ بشيءٍ من ذلك، ثبتَ الحدُّ إنَّ لم يكن يعارِضُه ما يُسقِطُهُ.

وقال الشّافعيّ: لا يُقبَلُ قولُها.

وهو قولٌ باطلٌ؛ لأنّه لا يمكن إنَّ غُلِبَت أنّ تفعلَ أكثرَ ممّا فعلت، ولا يكلِّفُ اللهُ نفسا إِلَّا وُسعَهَا.

الحكم السّادس:

إذا سُمِعَ الإقرارُ، فلابدَّ بعدَهُ من الاختيارِ، كما فعلَ النّبيُّ -عليه السّلام- إذ قال: "أَبِهِ جُنُونٌ؟ " فَقَالُوا: لا (?) وبهذا يتبيَّنُ أنّ قولَ المجنونِ هَدرٌ، ويَعضُدُ هذا بصحّته حديثُ علىَّ الضّعيفُ في السَّنَدِ: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثٍ" (?). فذكَر المجنونَ الّذي يَغلِبُ عليه، فيفوتُه تحصيلُ القولِ، فإنّه لا يُؤاخَذُ به في حُكمٍ من الأحكامِ، لقول النّبيِّ -عليه السّلام- في حديثه هذا: "أَيَشتَكِي؟ " فبيَّنَ أنّ الشَّكْوَى تبطِلُ الإقرارَ.

فلمّا أنّ علم أنّه صحيح العقل (?)؛ قال: "أَبِكرٌ هُوَ أَمْ ثَيَّبٌ؟ ".

قال علماؤنا (?): يحتَمِلُ أنّ يقول ذلك لِمَاعِز لَما أُخبِرَ بِصحَّةِ عَقلِهِ (?)، وقد قال ماللق: يسألُ الإمامُ الزَّانِيَ عَنْ ذلك، ويقبل قوله أنَّه بِكر ويصدِّقه، إِلَّا أنّ تقوم بيِّنَةٌ أنّه ثَيِّب.

وقال مرّةً: لا يسأله حتّى يكشف عنه، فإن وَجَدَ من ذلك علمًا، وإلا سأَلَهُ وقَبِلَ قولَه دونَ يمينِ. قال محمّد: وهو أحبّ إلينا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015