وكان مالك يجلسُ في منزلٍ له على ضِجَاعٍ، وكان له نَمَارق مطروحة يَمْنَةَ ويَسْرَةً.
وكان يحيى بن عبد الحميد يروي حديثًا (?)؛ أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُوشَكُ أنّ يَضْرِبَ النَّاسُ أكْبَادَ الإِبِلِ، فلا يَجِدُونَ عالِمًا أَعلَمَ من عَالِمِ المدينةِ" (?).
فقال يحيى بنُ معينٍ: سمعتُ ابنَ عُيَيْنَةَ يقول: أظنّ أنّه مالك بن أَنَس (?).
والكلام في فضلِه وأخبارِه أكثر من أنّ تُحْصَى، أضربنا عن ذِكْرِها.
فصل
اختلف الناسُ أي كتابٍ وُضِعَ في الإسلام أوّل على ثلاثة أقوال:
القول الأوَّل - قيل: إنّ أوَّلَ كتاب صُنِّف في الإسلام، وقُرِىءَ على النّاس "موطَّأ مالك بن أنس"، وهو قولُ جماعة كثيرة. وكان مالك من أصحاب الحديث، ثمّ اتَّبَعَ ربيعةَ بنِ إبي عبدِ الرَّحمن فقال برأيه. وألَّفَ كتابًا في الحلال والحرام والفرائض والأحكام والشّرائع سمّاه "الموطَّأ"، ورَوَى فيه أحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخالفها وقال: "ليسَ العَمَلُ عليها" والعملُ عندَه ما أدركَ عليه العمل بالمدينة دون سائرِ الأمصارِ؛ لأنّها دار الهجرة ومنزلِ الوحيِ، ومنها تفرقّتِ الصّحابةُ في الأمصارِ، فَهُمُ الْحُجَّةُ على