المسألة الرّابعة (?): في دخول الإبل في الدِّية
أمما دخولُ الإِبِل في الدِّيَةِ، فلا خلافَ فيه، وإن عُدِمَت ولم تَكُنِ العاقلةُ من أهلهما، فقال الشّافعيُّ: تُقَوَّمُ الإبِلُ بالغةً ما بلَغَت، وتَلزَمُ القيمةُ العاقلةَ.
وقال أبو حنيفة (?): تكونُ عن العاقلةِ عشَرَةُ آلافِ دِرهَمٍ.
وقال أبو يوسفَ ومحمدٌ: تجبُ البقرُ والشاةُ في الدِّيَةِ على الوجهِ المَرْوِيِّ.
وقال مالك: القضاءُ ما قَضَى عُمَرُ؛ على أهل الإبل مئةٌ، وعلى أهل الذَّهبِ ألفُ دينارٍ، وعلى أهل الوَرِقِ اثنا عَشَرَ ألفَ دِرْهَمٍ.
والكلام هاهنا على ثلاثة فصول هي مَطلَعُ النَّظَرِ ومَجرَى الخلافِ:
الفصل الأوّل: تقويمُ الإبلِ عند عَدَمِها، نَظَرَهُ الشّافعيّ وأغفلَ أنّ عمرَ قد فَرَغَ من هذا النَّظرِ بحَضرَةِ الصّحابة، ولم يخالِفْهُ أحدٌ منهم، ورأى أنّ ذلك عَدْلٌ في التّقويمِ، ولم يَكِلْه إلى اجتهادِ المُجتَهِدِينَ، باختلافِ الأحوالِ وتعاقُبِ الأزمانِ.
وأمّا الثّاني: وهو أصعَبُ من الأوّل عند مالك، فإنّه امتثلَ قضاءَ عمرَ في تقدير الدِّيَة بالفِضَّة، والنِّصاب في السَّرقة، وتركَهُ في الزَّكاة، وامتثلَهُ أبو حنيفةَ (?) في الدِّيَةِ والزّكاةِ.
فأمّا امتثالُ أبي حنيفةَ له في الدِّيَةِ فَمُصادَمَةٌ مَحْضَةٌ لقضاءِ عمرَ، وكما صدَمَهُ الشّافعيُّ (?) في الفضّة، كان ينبغي له أنّ يَصْدِمَهُ في الذّهب كما فعل أبو حنيفةَ، فيكون أقلَّ في الخطأ، وهذا لا وجهَ له.
وأمّا مالكٌ، فامتثلَ قضاءَ عُمَرَ في الدِّيَةِ، والآثارَ الواردةَ في القطعِ في السَّرقةِ، أنّ القطعَ في رُبُعِ دينارٍ فصاعدًا، أو في ثلاثةِ دراهمَ، ولم يَجِدْ في الزّكاة أثرًا في التّقدير، لا