مُحَمدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُؤمِنِين بِالبَعثِ؟ قالَت: نَعَم". ذلك كلّه ليُبيِّنَ -عليه السّلام- شرط الإيمان وحقيقته.
فإن قيل: فهل يثبتُ الإيمانُ عندكم بهذه الصّفات الّتي اعتبرها النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - * أم بغيرها؟
قلنا: يثبت الإيمان بما أثبته النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - * وهي شهادة الحقّ: لا إله إِلَّا الله، محمّد رسولُ الله، والنّبيُّ -عليه السّلام- قد اختبر هذا كلّه من حالها، وعلم من حالها أنّها كانت متعلّقة بمعبودٍ في الأرض، فأراد أنّ يقطع علاقة قلبها بكلِّ إلهٍ في الأرض.
اعتراض (?):
فإن قيل: فقد قال لها: أين الله؟ وأنتم لا تقولون بالأَينِيَّة والمكان.
قلنا: أمّا المكان فلا نقول به، وأمّا السّؤال عن الله بِأَينَ فنقول بها؛ لأنّها عن المكان وعن المكانة الّتي يُسأَل عنه بأين، ولم يجز أنّ يريد المكان؛ لأنّه محالٌ عليه.
وأمّا قوله للجارية الثّانيّة: "أَتُؤمِنِينَ بِالبعثِ؟ " وهو الموت وما بعده، فعَلِم أيضًا من حالها ما دعاه إلى أنّ يسالها هل تعتقدُ الدّار الآخرة وتؤمن بها وأنّها المقصودة، وإن هذه الدّار الدّنيا قنطرةٌ إليها، فإنَّ مَنْ عَلِمَ ذلك وبَنَى عليه، صحَّ اعتقادُه وسلِمَ عَمَلُهُ.
وأمّا (?) قولها: "فِي السَّماءِ" فإنّها أرادت (?) وَصْفه بالعُلُوِّ، ولذلك يقالُ: فلان في السَّماء، بمعنى عُلُوّه وشَرَفه.
وأمّا قوله: "مَنْ أَنَا؟ فَقالَت: رَسُولُ اللهِ" يقتضي أنّ الإيمان لا يتبعَّض ولا يصحُّ