الأصول (?):
قال الإمام: أمّا العِتْق المبتدأ، فلا خلاف فيه أنَّه يجوز فيه عِتق الكافر والمسلم، حتّى قال مالك: إنَّ عِتق الكافر ابتداءً أفضل من عِتق المسلم إذا كان أكثر ثمنًا، للحديث الصّحيح؛ أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - سُئل أيُّ الرّقاب أفضل؟ قال: "أغلَاهَا ثَمَنًا وَأَنفَسُهَا عِندَ أَهلِهَا" (?). وخالفه أَصبَغ وأصاب، فليس النَّظر إلى تنقيص الملك على المعتق، وإنّما النّظرُ إلى تخليص المملوك من الرِّقِّ وتفريغه لعبادة الله، وثواب المُعتِق بتخليص كلِّ عضوٍ منه عضوًا من النّار. والكافر ليس بمحلِّ للتّخليص؛ لأنّه من أهل النّار.
وأمّا الواجب، فالجمهور على أنّ الكافر لا يجزئ فيه.
وقال أبو حنيفة (?): يجزىءُ الكافر عن فَرْض العِتْق، كما يُجزىء المؤمّن، لانطلاق اسم الرّقبة عليه إِلَّا في القتل؛ لأنّ الله تعالى نصّ على الإيمان فيه.
وهذا لا يصحّ؛ لأنّ الكافر ليس بِمَحَلِّ للقُرَبِ الفَرضِيّة، ولذلك لا يجوز أنّ يُعطَى من الزَّكاة الفَرضِيَّةِ.
وقد احتجّ مالك (?) بحديث الجَارِيَةِ الَّتِي أَرَادَ الأَنصَارِيُّ عِتقَهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "أَينَ اللهُ؟ فَقَالَت: فِي السَّمَاءِ. فَقَالَ لَهَا: مَنْ أَنَا؟ فَقَالَت: أَنتَ رَسُول اللهِ. قالَ: أَعتِقهَا"، فأعتقها، فلم يأمره النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - بعتقها حتّى اعتبر حالها بالإيمان، ولو أجزأَ الكافر لأمره بعتقها. وكذلك قال في حديث السّوداء (?): "أَتَشهَدِينَ أنّ لَا إِله إِلَّا اللهُ؟ وَأَنَّ