كتاب الهِبَة

وفيه خمسة فصول:

الفصل الأوّل (?)

قال الإمام: الهِبَةُ على الحقيقة لله وحدَهُ؛ لأنّ حقيقةَ الهِبَةِ هو العَطاءُ بغير عِوَضٍ ممّا لا يجبُ، والَّذي يُغطِي على الحقيقة بغير عِوَضٍ ولا يجبُ عليه، فهو الله سبحانه، ولا يُتَصَوَّرُ ذلك في الآدميِّ؛ لأنّه مجبولٌ على التَلَفُّتِ إلى الأغراض، إئا في جَلب منفعةٍ، وإمّا في دفع مَضَرَّة، فلذلك كانت هِبَتُه محمولةً على القصد إلى البَدَلِيَّة فيها. وقد تكون على توقُّع البَدَل من الآدميِّ في هبته من الله، فَاسمُها صدَقَةٌ، وقد تكون على تَوَقُّع البَدَلِ العامّ على عادة العرب في إطلاقها، وفي مثله قال الله تعالى: {وَماَ آتيتم مِن رِبًا ليربوا فِيَ أموَالِ النَّاس} الآية (?).

وقد يُعطَى الرجُلُ على المروءة، وذلك من الشّريعة، وجارٍ مَجرَى الصَّدَقة. روى مسلم في "صحيحه"، (?) عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "كُلُّ مَعرُوفٍ صَدَقَةٌ" وضرب له النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - أمثلةً متعدِّدةً من الواجبِ والمندوبِ، بيانُها في "كتاب الجامع" إنَّ شاء الله.

وقد تكون الهِبَةُ لِصِلَةِ الرَّحِم، وهي من المعروف المُؤَجَّل العِوَضِ. وقد تكونُ طلبًا لِمَحضِ المودّةِ من الواهبِ في مالِ الموهوبِ. فأمّا مالكٌ فقضَى به (?)، وأمّا جمهورُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015