فأمّا الأوّل: فالذي رَوَى محمّد عن ابن القاسم؛ أنّ أَجِيرَ القصّار لا يضمن، والقصَّارُ ضامنٌ لما أفسَدَهُ أَجيره، وقاله ابن حبيب. وهذا في الأجير المتصرِّف بين يديه (?) بحسب اختياره، وليس بحائز لما يعمله، فأمّا إنَّ حاز ما يعمله ففي "الموّازية" و"العُتبيّة" (?) عن أَصْبَغ وأَشهَب: إنَّ كثر على الغَسَّال الثّياب، فآجر أجيرًا يبعثه إلى المُضِيِّ بالثِّياب فيدَّعي تَلَفَها أنّه ضامنٌ، وكذلك أجير الخيّاط يتصرّف بالثِّياب.
وأمّا الأُجَرَاءُ للحفظ، فعلى قسمين:
قسم لهم تَعَلُّقٌ بالعمل.
وقسم لا تَعَلُّقَ لهم به.
فأمّا الأوّل. فكصاحب الحمّام يضع عنده الثّياب، فقد قال مالك في "العُتْبيَّة" (?) من سماعِ ابنِ القاسم: قد أمرتُ أصحاب السُّوقِ أنّ يضمن أصحاب الحمّامات ثيابَ النَّاس، أو يأتوا بمن يحرسها. وقال ابنُ أبي زَيد في "نوادره" (?) بإِثر هذا: وقد قال أيضًا في كتاب آخر: لا يضمنون، وهذا الّذي أشار إليه قد أشار إليه غيره، ولا أعلم أنّهم يشيرون إِلَّا إلى ما في "المُدوَّنة" (?) في الجَعْلِ: لا ضمان على من يجلس لحفظ ثياب النَّاس في الحَمام؛ لأنّه بمنزلة الأجير، وهذا الّذي أشار إليه ليس هو ممّا نحن فيه؛ لأنّ أُجَرَاء الصُنَّاع لا يضمنون، وإنّما يضمن الصانع أو من هو في حكمه، وصاحب الحمّام ليس بأجير، إنّما المقصود العمل من المتصرِّف والاغتسال، فهم (?) يضمنون على ما جرت به العادة.