أوّلِ العَقدِ؟ وقد بيّنّا ذلك في "الأحكام" (?)، والصّحيحُ دوامُ القَبضِ واستمرارُه، وهو الّذي اختارَهُ علماؤنا؛ لأنّ الله جعله رَهنًا بصفةٍ، فإنِ اختلفت تلك الصِّفةُ خرجَ عمَّا حَكَمَ اللهُ به.
قال الإمام (?): ليس في الرَّهنِ حديثٌ صحيحٌ إلّا رَهْنَ النَّبىِّ عند اليهوديِّ، وما روَى البُخاريّ أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحلُوبٌ، يُركَبُ بنفَقَتِهِ ويُحلَبُ بِنَفَقتِهِ" (?) وهذا الحديثُ الّذي أَرْسَلَهُ مالك، عن سعيدٍ بنِ المُسَيِّب، إنّما سَاقَهُ لاتِّفاق العلّماءِ على القولِ به، وإنِ اختلفَ في ذلك علماءُ الحديثِ، وقد زاد الدَّارقطنيُّ (?) في حديث سعيدٍ وأسنَدَهُ فقال: عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم-: "لا يَغلَقُ الرَّهنُ من راهِنِهِ الّذي رَهَنَهُ، لَهُ غُنمُهُ وَعَلَيهِ غُرمُهُ" وهذا يعارِضُ حديث النَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم - الّذي خرّجه البخاريُّ في قوله: "الرَّهنُ مَركُوبٌ ومَحلوبٌ بِنفَقَتِهِ".
وقد اتّفقَ العلّماءُ على أنّ منافِعَ الرَّهنِ للرّاهن ليس للمُرْتَهِنِ فيها حقٌّ، وإنّما له حقُّ الحَبْسِ والتَّوثُّقِ، فأمّا منافِعُه فلا.
وقال أبو حنيفة (?) قولًا غريبًا لا يُشبهُ فِطنَتَهُ: تبقَى منافعُ الرَّهن عَطَلًا لا سبيلَ للمرتَهِنِ إليها؛ لأنّها ليست له، ولا سبيل للرَّاهن إليها؛ لأنّ الرَّهنَ قد زال عن يده.