ذكر أُبُو غَطَفان بن طَرِيفٍ المُرِيِّ قال: اختَصَمَ زَيدُ بن ثابِتٍ وابْنُ مُطِيعٍ في دَارٍ كانَتْ بَينَهُمًا، إِلَى مَروَانَ بن الحَكَم، فَقَضَى مَروَانُ على زَيدِ باليَمَينَ عَلَى المِنَبرِ. فَقالَ زَيدُ بن ثَابِتٍ: أحلِفُ لَهُ مَكَانِي. فَقَالَ له مَروَانُ: لَا وَاللهِ إِلَّا عِندَ مَقَاطِعِ الحُقوقِ ... الحديث (?)، وهو صحيحٌ.
الأصول:
قال الإمام: اعلموا -وفقكم الله- أنّ الآثام في الآخرة تتضاعفُ بتضاعُفِ الحُرُمَاتِ في الدُّنيا، وتتعدَّدُ بتعدُّدِها، بخلافِ أحكام الدُّنيا، فإنّ الحُرُمات لا تتضَاعَفُ بتضَاعُف الأسباب، ولا تتعدَّدُ بتعدُّدِها، كالحائضِ المُحْرِمَةِ الصّائمةِ، فالكذبُ حرامٌ كبيرةٌ، فإنِ اتَّصلت بذِكرِ الله عَظُمَت، فإن اتَّصلت بقطعِ حقِّ امرىءٍ مُسلِمٍ تضَاعفَت، فإن كانت بعد العصر زادَت، فإن كانت على مِنْبَرِ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - وهو رَوضَةٌ من رياضِ الجنَّة - لم يَأمَن أنّ يكون ذلك قطعًا إلى حقِّه منها، ويقالُ له: إنَّك لا تَدْخُلُ موضعًا عَصَيتَ فيه. وآياتُ الوعيدِ وأخبارُه كثيرةٌ، وهي بإجماعِ من الأُمَّةِ من المُتشابِه الّذي نَبَّه الله عليه في قوله: {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} (?) الّذي لا يَتَّبِعُهُ إلّا زائِغُ القلبِ.
وفيه للعلّماءِ ثلاثةُ مذاهبَ:
1 - طائفةٌ حقَّقَتهَا أوّلًا وهم الخَوارجُ، ونَسَجَت على منوالها القَدَرِيّةُ.
2 - وطائفة أسْقَطَتْهَا وهم المُرجِئَةُ، قالت: كما لا ينفَعُ مع الشِّركِ عمَلٌ، كذلك لا يَضُرُّ مع الإسلام ذَنْبٌ ولا سَيِّئَةٌ.
3 - وطائفة توقَّفَت، وقالت: أمرُ ذلك إلى الله تعالى، إنَّ شاء غَفَرَ، وإن شاءَ أَخَذَ، كما تقدَّم بيانُه.