أبا عبد الرّحمن النّسائيَّ؛ فإنّه جمَعَ أحاديثَها باختلافها وطُرُقِها في جزءٍ كبير، وجملةُ الأمر أنّ علماءَنا قالوا: لا يجوزُ كِرَاءُ الأرضِ بطعامٍ وإن كان ممّا لا تُنبِتُه الأرضُ (?).
وقال الشّافعيّ (?): يجوزُ بِحِنطَةٍ معلومة في الذِّمَّةِ.
وقال أبو حنيفة (?): يجوزُ بكلِّ ما كان ثَمَنًا في المَبِيع.
وقال اللَّيثُ: يجوزُ بجزءٍ معلومٍ ممّا يَخرُجُ منها.
وقال غيرُه: يجوز بجزءٍ معلومٍ أو مجهولٍ، مثل أنّ يقول: لي ما تُنبِتُه هذه البُقعَة منها. ويعيِّنُها.
وقيل: لا يجوزُ كراؤُها بحالٍ.
وفي متعلّق كلّ واحد منهم حديثٌ وأثرٌ، فأما قولُ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَانَت لَهُ أَرضٌ فليَزرَعها أَوْ يَمنَحهَا أَخَاهُ" (?) وهو الصّحيح، فيعارضُه مِثلُه في الصِّحَّة، وهو أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قال لرَافِع: "مَا تَصنَعُونَ بِأَرضِكُم"؟ قالَ: نُكرِيها بِالرُّبُعِ وبِالأَوسُقِ مِن التَّمرِ، فَقَالَ عَلَيهِ السلَام: "لَا تَفعَلُوا، ازْرَعُوهَا أَؤ أَزْرِعُوهَا" (?).
وأمّا قول علمائنا: إنّها لا تجوزُ بشيءٍ من الطعامِ، فهو ذريعةٌ أنّها لا تجوزُ بشيءٍ ممّا يخرُجُ منها، وإن كان ممّا لا تُنبتُ الأرض فلوجهين: