الأصول (?):
اختلف العلماء -رضوانُ الله عليهم- فى عِلَّةِ الشُّفعَةِ بعد اتِّفاقِهم على أنّ أصلّها موضوعٌ لِدَفْعِ الضَّرَرِ:
فمنهم من قال: العلًّةُ الضَّرَرُ، يعني ضَرر الخُلَطَاء، وعدّاها إلى الجار، وهو أبو حنيفة وأهلُ العراق.
ومنهم من قال: إنها لضَرَرِ الشَّرِكة، وذلك فيما يلزَمُ من مؤونة القِسْمَة.
وقال أبو المعالي الجويني في ذلك قولًا بديعًا لم يُسبق إليه (?) في "كتابُ الأساليب" فقال: "الأخذُ بالشُّفعَةِ غيرُ معلَّلٍ؛ لأنّه فَسخٌ قهريٌّ يترتَّبُ على عَقدٍ اختياريٍّ أَذِن الشَّرعُ فيه، وهذا ما لا نظيرَ له في الشّريعةِ، وإنّما شَرعَهُ الله تعالى بما علِمَ من الحِكَمِ لا لعلّةٍ نَصَبَهَا علَمًا" وهذا الّذي أشار إليه لا يَصِحُّ عند أكثر العلماء؛ لأنّ الحُكمَ إذا وَرَدَ في الشّريعة وظهَر تعليلُه وعُلِمت فائدتُه، وجَب البناءُ عليها، وتعيَّن العملُ بها، وقد ظهرت علًّةُ الضرَرِ في الشُفعَةِ ظُهورًا جليًا، ووافَقنا على التّفريع عليها, ولو كان الأخذُ بالشُّفعَةِ تعبْدًا ما فُرَّع ولا رُكَّب عليها، وتعليلُ الشُّفعَةِ في كُتُبِ الشّافعيّة أعظمُ ممّا في كُتُبِنا، وقد كانت الأموال الرِّبَويَّة أولَى بالتّعليل منها.