فأما "المحلّ" فقال مالكٌ (?) والثّوريُّ: الاحتكارُ في كلِّ شيءٍ إِلَّا الفواكه.
وقال ابنُ حنبل: الاحتكارُ في الطّعام وحدَهُ في مكَّة والمدينة والثُّغور، لا في الأمصار (?).
وقال قومٌ: ليست الحُكرَةُ إِلَّا في القُوت لا في الإدام، ولأجل ذلك كان سعيد بن المسيَّب يحتكر الزَّيت (?).
وأمّا "زمان الاحتكار" فاختلف فيه أيضًا، فقيل: إنّه في كلِّ وقت.
وقيل: إنّما ذلك عند مَسِيس الحاجة إليه، والذي يربطُ لكم فيه العَقْد؛ أنّ النّبيّ -عليه السّلام- قال:"لَا يَحتَكِرُ إِلّا خَاطِئٌ" (?) فينبني على هذا الحديث، أو على قوله: "لَا ضِرَارَ" (?) أو على إجماع الأُمَّةِ على هذه المناهي، من القَصْدِ إلى ما يضرُّ بالنّاس على المخصوصِ والعمومِ لا يجوز، وكذلك فعلُ ما يضرُّ بهم، فنقول: إذا كان المحتكرُ يقبضُ اليدَ عن الشِّراء من مال نَفْسِهِ وكَسْبِ يده، فلا حَرجَ عليه في احتكارِه لذلك، فإن خافّ على نفسه وعلى النَّاس، وتأَهَّبَ لذلك، لم يكن آثمًا، وإنّما إذا كان المحتكرُ يشتري من السّوق، فذلك جائزٌ بثلاثةِ شروطٍ كما قدَّمنا:
الأوّل: سلامة النِّيَّة.
الثّاني: ألَّا يضرّ بالنّاس في السُّوق فيرفع في سوقهم لكثرة الطّلب.