قال الإمام (?): أدخل مالك في هذا الباب مسألةَ سعيدِ بن المُسَيِّب وسليمانَ بنِ يَسَارٍ (?)، وذلك بناءً على أنّ البَيعَتَينِ اللَّتَينِ تُبَيِّنُ الآخِرَةُ منهما الرِّبا تُفسَخَانِ جميعًا.
قال مالك (?):"مَا يُكرَهُ من بَيعِ الطعَامِ إِلَى أَجَلٍ". وذَكَرَ مسألةَ الذَّريعةِ، وهي حرامٌ عنده، وقبل ذلك قال (?): مَا يُكرَهُ من بَيعِ الثِّمَارِ، وذَكَرَ ما هو أشدُّ منه وهو الرِّبا في التّمر، وهو حرامٌ أيضًا باتِّفاق. وأطلَقَ المكروهَ على الحرام، وهو يَنقسِمُ عنده إلى ما يَحْرُمُ فِعلُه، أو إلى ما تركُه أَوْلَى من فِعلِه، وهو المكروهَ في إطلاق الأصوليِّين، إِلَّا أنّهم ما بيّنوهُ بيانًا شافيًا. وأصلُه في اللُّغة: ما يريدُ المرءُ تَركَهُ، وكراهيةُ اللهِ تعالى للشّيء من إرادتُه ألَّا يكونَ (?)، قال الله تعالى: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ} [التوبة: 46] الآية (?). وليس يمتنعُ إطلاقُه على الحرامِ، ولا على ما تركُهُ أولَى من فِعلِهِ، كما ليس يمتنعُ تخصيصُه في الاصطلاحِ بما تركُهُ أولَى من فعلِهِ، ولكن الأدلّةَ إنّما تُعَيِّنُ كلّ واحدٍ من الحالتين، وتُبَيِّنُ المخصوصَ في النّازلةِ من الحُكمَين، والمسألةُ أصوليةٌ أكثر من فقهيّةٍ.