هي من صفاتِ كَمَالِهِمَا، أنّ يكونا من أهلِهِمَا، وأن يكونا فقيهينِ عَدْلَينِ. ومتَى نقصَ من هذه الأربعة شيءٌ لم يكونا حَكَمَيْنِ. وأمّا أنّ يكونا فقيهينِ فَمُسْتَحَبٌّ، وكونُهُمَا عَدْلَينِ يُغْنِيَ عن ذلك، ولأجل ذلك قال مالك: ينبغي أنَّ يكونَ القاضي فقيهًا، فان فاتَهُ الفقه، فليكُن عَدْلًا؛ لأنَّه إنَّ كان عَدْلًا أمسكَ عمّا لا يُحْسِن وتَكَلَّمَ فيما يُحْسِن، وإن كان غير عَدْلٍ حَكَمَ برأيِهِ وَهَوَاهُ. وَلْيَكُونَا من أهلهما، فإن لم يوجدا عَدْلَينِ فليكونا من غير أهلهما من الجيران، ويُنْظَرانِ فإن رَأَيَا أنَّ يُصْلحَا صلحا، وإن رَأَيَا أنّ يُفَرِّقَا ,ولا يحتاجَانِ إلى اختيار الزَّوجِ في الفِرَاقِ، خلافًا للشّافعي (?) وأبي حنيفة (?).

والدّليلُ على ذلك، قولُه: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ} الآية (?)، فسمَّاهُ حَكَمًا، فلو افتقرَ إلى رِضا الزَّوجِ لم يكن حَكَمًا وإنّما هو وكيلٌ.

واحتجَّ أبو حنيفة بقول عليّ بن أبي طالب، وذلك أنَّه قال للزَّوج: "أَتُحِبُّ أنّ تَذْهَبَ مَعَكَ؟ فَقَالَ: لَا" ولا حُجَّةَ لهم في ذلك، بل هي حُجَّة عليهم؛ لأنّ عليَّا رضي الله عنه قال: "لَتَذْهَبَنَّ مَعَكَ عَلَى رَغْمِ أَنْفِكَ" (?).

المسألةُ الثّانية (?):

قولُه: {فَابْعَثُوا} (?) قيل: هو خطابٌ للحُكَّامِ، ويحتملُ على مذهبِ مالكٍ أنّ يكونَ خطابًا لوَلِيِّ اليتيمينِ، وذلك أنَّه ليس لأحدٍ أنّ يبعث الحَكَمَيْنِ إلّا الحاكمُ أو الزَّوجانَ، أو أولياء الزّوجين إنَّ كانا محجورين، وهذا معنَى ما في "المُدَوّنة" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015