وفي الحديث: "إِذَا دُعِي أَحَدُكُمْ إلَى وَلِيمَةٍ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَأكُلْ، وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلَّ" (?).
وقد قال مالكٌ: لا ينبغي لأهل الفَضْلِ أنّ يُسرِعوا إلى الإجابة في مِثْلِ هذا، وإنّما قال ذلك لفسادِ النَّاسِ، وإلّاَ فقد كان النَّبىُّ - صلّى الله عليه وسلم - يُجِيبُ كلّ من دَعَاهُ حتّى الخيَّاطَ.
ففي صحيح الصّحيح وهو "الموطَّأ" (?) أَن خَيَّاطًا دَعَاهُ إلَى طعام، فَمَشَى مَعَهُ في نَفَرٍ يَسِيرٍ، وَاتَّبَعَهُمْ رَجُلٌ لَيس مِنْهُمْ، فَقَالَ النّبيُّ: "إِنَّ هَذَا اتَّبَعَنَا" فّأَذَنَ لَهُ (?).
اعتراض:
فما الفَرْقُ بين حديثَي النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، وذلك أنّه دُعِيَ إلى طعام الخَيَّاطِ فاتَّبَعَهُم الرَّجُل، فقال النَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم - للخيّاط: "أَتَأْذَنُ له"، وبين قوله في دَعْوَةِ أمِّ سلَيم: "قُومُوا" (?) لكلَّ من معه، ولم يقل لأمّ سليم ولا لزوجها أبي طلحة ما قال للخيّاط.
الجواب:
قلنا: عن ذلك جوابان:
أحدُهما: أنّ الخيَّاطَ لم يُملِّك النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - الطّعام، وإنّما دعاهُ إلى دَارِه، وأكلُ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - على حُكمِهِ، فاحتاجَ إلى استئذَانِهِ في ذلك الرَّجُل.