ومن العلماء من قدَّرَهُ واختلفوا في التَّقدِيرِ؛ فقال أهلُ الكُوفَةِ: أقلُّه عشَرةُ دراهمَ (?)، وهو أقلُّ ما تُقطَعُ فيه يدُ السَّارِق عندهم.

ومنهم من قَدَّرَهُ برُبعِ دينارٍ، وهم أهلُ المدينةِ (?).

ومنهم من قَدَّرَه بدرهم ونحوه -كالسَّوْط والنَّعْل -وهو ابن وَهْب (?)، وخالفَ فيه مالك والجمهور.

ومتعلَّقُه في ذلك طَلَبُ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - في حديثِ سَهْلٍ في الصَّدَاقِ: "التَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ" (?) وَوَسَطُ قيمته دَرْهمٌ لأجل الصَّنعةِ الّتي فيه.

والصّحيح أنّه مُقَدَّرٌ بنصابِ القَطْعِ، وأنَّ القطعَ مقدَّرٌ برُبُعِ دينارٍ، وقد بيَّنَّاهُ في "مسائل الخلاف".

المسألة الخامسة (?):

قال علماؤُنا: في حديثِ سَهل بن سَعد هذا دليلٌ على وُجُوبِ الصَّداقِ؛ لأنّ النَّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - طَلَبَهُ من طريق، فهذا يدلُّ على تعيِينِهِ وإلزامِهِ حينَ طلَبَ خاتَمًا من حديدٍ ليتعجَّلَ النِّكاحَ وليتزيَّنَ به، ويبقَى الصَّداق في ذِمَّتِهِ، وليس في الحديثِ ما يدلُّ على أنّ الصَّداق يسقطُ عنه.

والوجهُ الثّاني: أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - قال له ذلك على وجهِ التَّقليلِ، كقوله: "مَنْ بَنَى مَسْجِدًا وَلَوْ مثل مَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى الله لَهُ قَصرًا في الجَنَّة" (?)، ولا يصِحُّ أنّ يكونَ المسجدُ في الصِّغرِ كذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015