المُكث في عِدَّتها، وكذلك النَّهيُ عن الخِطْبَةِ، إنّما هو للضّرر الّذي في ذلك على الخاطِب الأوَّلِ، وإنّما قال مالك: هو حرٌّ بعد الرُّكُونِ، وجَعلَهُ بعدَ الرُّكونِ ضررًا بدليل آخر، وهو قوله: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرارَ" (?) لِمَعْنىً في غيْرِه، وهو أصلُ المصلحة، وهو الأَصلُ الخامسُ الّذي انفردَ به مالك دُونَهُم.
المسألة الخامسة:
قولُه: "نَهَى أنّ يَخطُبَ الرجُلُ عَلَى خِطبَةِ أَخِيهِ" (?) هو تغليظ لا على وجه أنّه لا معنى في نفسه، وأمّا النّهيُ عند الفقهاءِ فإنّه يقتضي فساد المنهيِّ عنه (?)، ولأجل ذلك قال مالك في الروايتين اللّتين رُوِيَتَا عنه: إنّه يُفْسَخُ إذا خطَبَ بعدَ الرُّكونِ والمَيلِ.
وأمّا علماؤُنَا المتكلَّمون، فهو عندهم على الوَقفِ (?) -أعني النّهيّ- حتَّى يدلَّ دليلٌ على صرفِهِ إلى أحد الأحوال: إلى الحظر أو الإباحة أو النّدب.
وأمّا وهي في العِدَّةِ، فلا يحلُّ له أنّ يُواعِدَها سِرًا، أي نِكَاحًا (?)، لقوله تعالى: {لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} الآية (?)، والمباحُ له التّعريض (?) لذلك من نصّ القرآن المُطلَق.