وقال علماؤنا: في هذه الآية دليل على تزويجِ الفقير، ولا يقولنَّ: كيف أتزوّجُ وليس لي مالٌ؟ فإنَّ رِزْقَهُ ورزقَ عِيَالِه على الله، وقد زوَّجَ النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - الّتي وهبت نَفسَها لَهُ من بعضِ أصحابِه وليس له إِلَّا إزارٌ، وليس لها بعد ذلك فسخ النِّكاحِ بالإعْسَارِ عليه؛ لأنّها عليه دخَلَت، وإنّما يكون ذلك على الحُكم إذا دخَلَت على اليَسَارِ فخرج مُعْسِرًا، أو ظهر الإعسارُ بعدَ ذلك.

وأمّا قوله: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (?).

هذا خطابٌ لبعضِ مَنْ تناوَلَتهُ الآية الأولى ممّن يملك نفسَهُ فيستعفُّ ويَتَوَقَّفُ، أو يُقدِمُ على النِّكاح ولا يتخلَّفُ.

وأمّا مَنْ زِمَامُه بيَدِ غيرِهِ، فليس له في هذه الآية مَدْخَلٌ، كالمحجور قولَاً واحدًا، والأَمَة والعبد على أَحَدَ قولي العلماء.

قال (?): ولمّا لم يجعلِ اللهُ بين العِفَّةِ والنِّكاح درجةً، دَلَّ على أنَّ ما عَدَاهما محرَّمٌ، ولا يدخلُ فيه مِلْكُ اليمينِ، لقوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (?).

أمّا قوله: {حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِه} (?).

قيل: بالقُدْرةِ على النِّكاحِ.

وقيل: بالرَّغبة عنه.

وقال بعضُ أشياخنا: يستعفُّ بالصّوم للحديث؛ لقوله: "فَعَلَيهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ" (?).

وفي حديث آخر: "فَعَلَيهِ بِالصَّوم فَإِنهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وأَحْصَنُ لِلْفَرْج" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015