دَخلَ حَائِطًا فَلْيَأكُل وَلَا يَتَّخِذ خُبنَةً (?) " (?)، وفيه حديثٌ صحيحٌ أيضًا، قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "مَا مِنْ مُسلِم يَغرِسُ غَرسًا أَوْ زَرْعًا فَيَأكُل مِنْهُ إِنْسَانٌ، أَوْ طَائِرٌ، أَوْ دَابَّةً، إِلَّا كُتِبَت لَهُ حَسَنَاتٌ يومَ القِيَامَةِ" (?).
ورأى فقهاءُ الأمصارِ أنْ كلَّ أحدٍ أَوْلَى بمالِهِ ومِلكِهِ، ولم يكن لهم أنّ يطلقوا النَّاسَ على أموال النَّاس، ففي ذلك فسادٌ عظيمٌ.
ورأى بعضهم: أنّ ما كان على طريقٍ لا يُعدَل إليه ولا يُقصَد، فلياكل منه المارّ، ومن سعادَةِ المَرءِ أنّ يكون له مالٌ على الطَّريقِ؛ لأنّه يكسِبُ في ذلك الحسنات والمكارم، والَّذي ينتظمُ في ذلك أنّ المحتاج يأكل، والمستغنى يمسك، وعليه تَدُلُّ الأحاديث.
المسألةُ السّادسة: في حلب المواشي بغير إذن أهلها
ذكر التّرمذيُّ (?) فيه حديثَ الحَسَن، عن سَمُرَةَ؛ أنّ النَّبىَّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ عَلَى مَاشِيَةٍ فَإن كَانَ فيهَا صَاحِبُهَا فَلْيَستَأذِتهُ، فَإِنْ لَمْ يُجِب فلْيَحْلِبْ وَيَشْرَبْ وَلَا يَحْمِل".
قال القاضي: الكلامُ في هذا الحديث إنّما هو في سماعِ الحَسَنُ من سَمُرة (?)؛ أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - ... الحديث، ولكن الحديث صحيحٌ، وهو محمولٌ على ابنِ السَّبيل المحتاج، وقد خرج النَّبىُّ - صلّى الله عليه وسلم - مَعَ أَبِي بَكرٍ مُهَاجرًا إِلَى المَدِينَةِ فَمَرَّا بِغنَمِ فَأَوَيَا إلى ظِلِّ شَجَرَةٍ