الرّابع: أنّ الجمهورَ على المنعِ من الانتفاعِ به قبل الدِّباغ، ومختلفون في الجلد الّذي يؤثّر فيهِ الدِّباغ.
وأمّا ابنُ حنبل، فتعلَّق بحديث عبدِ اللهِ بنِ عُكَيم: "أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - قَبلَ مَوْتِهِ بشهرين: أَلَّا تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ" الحديث (?).
المسألة الثّانية:
اختلفَ قولُ مالك فيها اختلافًا مُتَبايِنًا:
فمرّةً قال: يُستعملُ ني الجامد دون المائع.
وتارةً قال: إنَّ كان ففي الماء وحده.
ومرة قال: من سرق جلد ميتة مدبوغًا، نظر، فإن كان في قيمة ... قطع ولم يعتبر فيه ذاته.
وتارةً قال: يستعمل على الإطلاق.
وهذا إنّما يتبيّن لكم من قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} (?) الآيةُ نَصٌّ في التّحريم، لا كلام لأحدٍ فيه، ولا مجال للنّظر معه.
وقوله: {الْمَيْتَةُ} عموم، فمن الفقهاء من قال: هو عامٌّ في الجُثَّةِ كلِّها، وجميع أجزائها حرامٌ.
ومنهم من قال: إنّه يتناول قوله في الميِّتة ما يموت ولا يموت إِلَّا ما كانت فيه حياة، والعظم والشَّعر لا حياة فيه فلا يتناوله التّحريم.
ومنهم من قال: أمّا (العظم) ففيه حياة؛ لأنّه يحسّ ويألم فيموت ويحرم.
وأمّا "الشَّعْر" فلا حياة فيه، فلا يموت ولا يحرم، ألَّا ترى أنّه يجزئ حال الحياة، فكذلك بعد المماتِ، فهذا مجال يختلف في هذه الأحوال، ويفتقر كلّ فرق منها إلى