المسألة الرّابعة (?):
أمّا الحُمُر، فاختلفَتِ الرِّوايةُ عن مالك فيها:
فقيل: إنّها محرَّمةٌ.
وقيل: إنّها مكروهةٌ غير محرَّمةٍ، ذكر ذلك القاضي أبو محمّد (?)، وذكر ابنُ القصَّار (?) رواية الكراهية فقط.
الدّليل على التّحريم: ما رُوِيَ عن أبي ثعلبة: حرَّمَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - لحوم الحُمُر الأهليّة (?).
ووجهُ الرِّوايةِ الثّانية: أنّ هذا حيوانٌ مركوبٌ ذُو حافرٍ، فلم يكن محرَّمًا وإن كان مكروهًا كالخيل.
وأمّا البغالُ، فحُكمُها حكمُ الحمُر؛ لأنّها متولّدة منها ومن الخيل.
فإن قلنا: إنّ الحُمُرَ مكروهةٌ، فالبغالُ مكروهةٌ. وإن قلنا: إنَّ الحُمُرَ محرّمةٌ، فالبغالُ محرَّمةٌ، وإن الله تعالى ذكرها في معرِضِ الامتنانِ للرُّكوب خاصّة (?)، وكراهيةُ أكلِ الخيلِ والبغالِ والحميرِ لأجلِ أنّها كُرَاعٌ في سبيل الله، وهو أحَدُ الاْقوالِ في تحريم الحُمُر يوم خَيبَر؛ لأنّه رَوِيَ في الصَّحيح؛ أَن رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - في ذَلِكَ اليوم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُكِلَتِ الْحُمُرُ، أُفْنِيَتِ الْحُمُرُ؟ فَأمَرَ المؤذِّنَ أو المُنَادِيَ فَنَادَى، "أَلَاَ إِن لُحُومَ الحمر قَذ حُرِّمَت" (?).