وقال (?): ليس في الحديث الصّحيح ذكرٌ في الذَّكاة بغير إنهار الدَّم، فأما فَرْيُ
الأوداج وقَطْعُ الحلقوم فلم يصح فيه شيءٌ.
وقال مالك وجماعة: لا تصحُّ الذَّكاةُ إِلَّا بقطعِ الوَدَجَيْن والحُلْقُوم (?).
وقال الشّافعيُّ (?): تصِحُّ الذَّكاةُ بقطع الحُلْقُوم والمَريء، ولا يُحتاجُ إلى قطع الوَدَجَيْن.
وتعلَّقَ علماؤنا بحديث رافع بن خَدِيج؛ أنّ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "اِفْرِ الوَدَجَينِ وَاذكُرِ اسْمَ اللَّهِ" (?).
ولم يَصِحُّ عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - في هذا الباب شيءٌ، لا لَنَا ولا لَهُم، وإنّما المعمولُ والمُعَوِّلُ على المعنى، فالشّافعيُّ اعتبر قَطعَ مَجْرَى الطّعام والشّراب الّذي لا يكون بعَدَمِه حياة، وهو الغرض من الموت (?)، وعلماؤنا اعتبروا الموتَ على وَجْهٍ يَطِيبُ معه اللَّحم، ويفترقُ فيه الحلال - وهو اللّحم - من الحرام - وهو الدَّم - بقَطْع الأوداج، وهو مذهبُ أبي حنيفة (?)، وعليه يدلُّ الحديثُ الصّحيحُ في قولِهِ - صلّى الله عليه وسلم -: "مَا أَنْهَرَ الدَّمَ فَكُل"، هذا بَيِّنٌ لا غُبَارَ عليه.
وفي السَّن والظُّفُر أقوالٌ ثلاثةٌ:
الأوّل: أنّه يجوز بالعَظْم، قاله مالك في "المدوّنة" (?).