وقوله: "إنَّ أبَا بُرْدَةَ ذبَح أُضحِيَتَهُ قَبلَ أنّ يَذبَحَ رَسُولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -": يقتضي أنّ يكون ذبْحُهُ الّذي يُجزِئه بعدَ ذبحِ الإمام، فأمّا وقتُ ذبح الإمامِ فهو بعدَ السّلام من الصّلاة، فمن ذَبَحَ قبلَ الصّلاةِ لم يجزئه، وبه قال أبو حنيفة (?).
وقال الشّافعيّ (?): إذا ذهب الوقتُ بمقدار ما يصلِّي ركعتين فقد جاز الذَّبحُ، فمن ذَبَحَ حينئذٍ أجزأَهُ.
المسألة الثّانية (?):
فإذا ثبت هذا وأن الذَّبحَ بعدَ الصَّلاةِ هو الجائزُ، فإنّ الإمام يذبحُ أوَّلًا، ثمّ يذبح النَّاس، فمن ذبح قبل الإمام لم يُجزِئه وأَعَادَ، رواه ابن الموّاز وغيره (?).
وقال أبو حنيفة: من ذبح بعد الصّلاة وقبل الإمام أجزأَه (?).
ودليلُنا: الحديث المتقدِّم، وهو أنَّ أبا بُرْدَة ذبح أُضحيّته ... الحديث.
والمُضَحُّونَ على ضربين:
أحدهما: بحَضْرَةِ الإمام.
والآخر: بغير حَضرَتِهِ.
فأمّا من كان بحَضرَةِ الإمام، فلا يخلو إمامُه أنّ يُظهِر نَحرَ أضحيَته أو لا يُظْهِر، فإنّ أظهر، ذَبَحَها بأَثَرِ الصّلاة، فمن ذبح قبلَهُ فالمشهور عن مالك أنّ ذلك لا يجزئه ويعيد أضحيَة أخرى وإن لم يُظهِر.