وقال المدنيُّون: يُجْهَز عليها، وكرهوا أنّ تُذبَح وتُعَرْقَب.

قال ابن حبيب: وبه أقول؛ لأنّ الذَّبح مُثلَةٌ والعَرْقَبةَ تعذيبٌ.

قال القاضي: وهذا الّذي قاله ابن حبيب ليس ببيِّنٍ؛ لأنّ الذَّبح لم يكره في الخيل لأنّه مُثلَةٌ، وإنّما كُرِهَ لأنّه ذريعة إلى إباحة أكلها، وقد كره مالك ذلك (?).

وقال أصحابنا: تُضْرَب عنقُه ويُبْقَرُ بَطنُه. فأمّا العَرْقَبَةُ فإنّها تعذيب على ما ذَكَرَهُ. والصّواب: الأجهاز عليه بوجه بمنع أكله عند من قال بذلك.

ووجه ما قال المصريّون: أنَه ربّما اضطرّ إليه أحدٌ من المسلمين، فيكون أَوْلى من الميِّتة، وكذلك ما وقف من خيل المسلمين ببلاد العَدْوِّ، حكمه عند مالك وأصحابه ما ذكرناه في خيل العدوِّ، وأمّا سائر الأموال ممّا ليس بحيوان، فإنْ عَجَزَ عنه أحرق، ولم يترك، طعامًا كان أو غيره (?).

المسألة الحادية عشرة (?):

"وَلَا تَحْرقَنَّ فَحْلًا، وَلَا تُغَرِّقَنَّهُ" (?): يريد ذباب النّحل (?).

واختلف قول مالك فيما لا يقدر على إخراجه من ذلك:

فّرَوَى ابنُ حبيب عنه: يُحرَّق وُيغَرِّق (?)، ورَوَى عنه أنّه كره ذلك (?).

ووجه الرِّواية الأولى: أنّه لا طريق إلى إتلافها إِلَّا بذلك، وإتلافُها مأمورٌ به, لأنّه ممَّا يقوى به العدوِّ.

ووجه الرِّواية الثَّانية: ما رُوِيَ عنه - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال" قَرصتْ نملةُ نبيًّا من الأنبياءِ، فأمرَ بقرية النَّمْلِ فاُحرِقَتْ، فأَوحَى الله تعالى إليه: أنّ قَرَصَتْكَ نملةُ واحدةٌ، أَحْرَقْتَ أُمَّةً منَ الأُمَمِ تُسَبَّحُ" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015