قال القاضي (?): ولا يخلو أمْرُ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - بقتل هؤلاء (?) من أحد وجهين:
- إمّا أنّ ذلك كان في وقت حلّت له مكّة - وهي دار حرب - وكان له أنّ يريق دمًا لمن شاء من أهلها في السّاعة الّتي حلّت له فيها.
- والوجه الثّاني: أنّ يكون على مذهب جماعة من العلماء في أنّ الحرم لا يُجيرُ من وجب عليه القتل، وكان هؤلاء ممّن وجب عليه القتل بما ذكرنا، فلم يُجرهم الحَرَم، وهذا موضعٌ اختلف فيه العلماء قديمًا وحديثًا (?).
فأمّا مالك فقال: من وجب عليه القِصَاص في الحَرَمه اقْتُصَّ منه، ومن قَتَل ودخل في الحَرَمه لم يُجِرْه الحَرَم، ولا يمنع الحرم أحدًا وجب عليه القتل.
وقال أبو حنيفة: إذا وجب عليه قتلٌ أو حدٌّ، فدخل الحرم، لم يُقتصّ منه في النَّفْس، ولا يُحَدُّ قياسًا على النَّفْس، وتُقامُ الحدودُ عليه فيما دون النَّفس ممّا سوى ذلك حين يخرج من الحرم، وكذلك قال زفر، قال (?): فإن قَتَلَ أو زَنى في الحرم رُجِمَ وقُتِلَ في الحرم.
قَالَ مَالِكٌ (?) في الصَّرُورَةِ (?) مِنَ النِّسَاءِ الَّتيِ لَمْ تَحُجَّ قَطُّ: إنَّهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذُو مَحْرَمِ يَخْرُجُ مَعَهَا أنَّهَا لَا تَتْرُكُ الْحَجَّ وَتَخْرُجُ فِي جَمَاعَةِ النِّسَاءِ.
قالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ...} الآية (?)، فدخل في ذلك الرّجال والنّساء المستطيعون إليه السبيل.