الثّالث: أنّ يكون المعنى به ما يسَّرَ الله لعَبده من نِيَّةِ خالصةٍ وتَوبَةٍ صادقةٍ يختم بها شهره، فيعتقه من النَّار دهره، واللهُ أعلمُ.
حديث - قوله: "من صام رمضان ثُمَّ أَتْبَعَهُ بستّ من شَوَّال" (?) قد تقدَّمَ الكلام عليه، وحديث: "صيام يوم الجمعة" كذلك أيضًا قد تكلَّمنا عليه، فلم يَبْقَ الكلام إِلَّا على تَفَاضُلِ الشُّهورِ والأيّامِ والأَعْوَامِ والسَّاعَات.
فإن قيل: أيُّ الأعوام أفضل؟ وأيُّ الشُّهور أفضل؟ وأيُّ الأيَّام أفضل؟ وأيُّ السّاعات أفضل؟
فالجواب أنّ يقال: أفضلُ الأعوام أنّ يقالَ عام تسع (?) وهو عام حَجَّة الوداع، وفيه استدار الزّمان، وفيه قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} الآية (?).
وأمّا الشُّهور، فشهر رمضان؛ لأنّ فيه أنزل القرآن، وفيه الصوم، وفيه ليلة القَدْر، وفيه تَمَهَّدَ الشَّرْعُ.
واختلفَ النّاسُ أي الشُّهورِ بعد رمضان أَفْضَل؟
فقيل: شعبان.
وقيل: المحرم.
وقيل: ذو الحِجَّة.
فمن قال شعبان: احتج بأنَّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - كان يصومُه.
ومن قال رَجَب: احتجَّ بأنْ قال: هو شهر الأصمّ والأصبّ، ورجم بالميم، فمن رواه بالباء وقال الاصب، قال: لأنّ فيه تصبّ الرَّحمة.
وقيل الأصمّ؛ لأنّ الملائكة تصمّ فيه، فلا تكتب فيه علي بني آدم شيئًا. وقيل له ذلك؛ لأنّه لا تسمع فيه قعقعة السِّلاح.
وقيل: رجم -بالميم-؛ لأنّ الشّياطين ترجم فيه.
وأمّا ذو الحجة، فهو أفضل بعد رمضان للحَجِّ الّذي فيه، ولمنىً وعَرَفَة.
وأمّا الأيّام، فيوم الجُمعة، لقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "أفضلُ يوم طلعت عليه الشّمس يوم