فقال عوامُّ الفقهاء: إنّ الخاصِّ يقضي على العامّ بحديث ابن عمر.
قلنا: هذا خطأٌ، بل يبقى العامُّ على عمومه والخاصُّ على خصوصه؛ لأنّ معناهما واحدّ، وهما متَّفِقَانِ، وإنّما يقضي الخاصُّ على العامِّ إذا كانا مختلفين كما قدَّمناهُ.
فإذا كانا مختلفين، فيقضي الخاصُّ فيه على العامِّ، وقد بيَّنَّاهُ في بابه في أوّل الكتاب، فليُنْظَر هنالك.
وقوله: "صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ" عامٌّ في المَرَدَةِ وغيرهم، وقوله: "مَرَدَة" خاصٌّ في المَرَدَةِ، وهما مُتَّفِقَانِ، فلا بُدَّ من زيادة فائدة في قولة: "مَرَدَة"؛ لأنا إنّ قلنا: إنّ العموم يدخل تحت المَرَدَة وغيرهم، فما فائدة تَكْرَارِهِم في الاختصاص؟
قلنا: فائدةُ ذلك توكيدُ التَّحريمِ في قوله: "لا تحرّوا بصلاتكم هَذَيْنِ الوقتين" وفائدة تأكيد التَّصْفِيدِ لها ولا زيادة اختصاص.
الفائدةُ الرّابعة (?):
قوله: "سُلسِلَت" يعني رُبِطَت في السَّلاسِل.
وقوله: "فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ" فيه دليل على أنّ أبوابَها مُغلقة.
وقوله:، غلقت أَبوَابُ النَّارِ" دليل على أنّها مفتحة.
وقد غلطَ في ذلك بعض المُعْتَدِينَ (?) على كتاب الله تعالى، فقال: إنّ قوله تعالى: {إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} (?). دليل على أنّ أبوابها مفتحة أَبَدًا، إذ لم يجعله جواب الخبر (?). وقوله في النّار: {إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} (?) دليلٌ على أنّها مغلقة. فقلب الحقيقة، وتكلّم في كتاب الله برَأْيِهِ.
وقال آخر (?) من الفضوليِّين: قوله: "فُتِّحَتْ أبْوَايُهَا" يفسِّره واو الثّمانية، إذ للجنَّة ثمانية أبواب، كما قال تعالى: {وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} (?) بواو، وسائر الأعداد