وإسقاطًا للحُجَّة، وقد روى التّرمذيّ في "مُصَنَّفِهِ" (?) قال: "إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَان فَلَا تصُومُوا حَتَّى تَرَوْا هِلَالَ رَمَضَانَ" كلّ ذلك توقِّيًا من الزِّيادة وتقية من رهبانيةِ أهل البدع.

وقال أيضًا مطلقًا: "لَا تَصُومُوا قَبْلَ رَمَضَانَ، صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَإِنْ حَالَت دُونَه غَيَايَةٌ فَأَكْمِلُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا" (?) حديثٌ حسنٌ صحيحٌ (?) في البابِ.

قال عمّار: "مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَذِي شَكَّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ" (?) وهذا احتياط منه على العبادة، وروى أبو داود (?): "إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَان فَلَا يَصُومَنَّ أَحَدكُمْ حَتَّى يَأْتِي رَمَضَان".

قال الإمام: وهذا إنّما فَعَلَهُ النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - احترازًا ممّا فعله أهل الكتاب؛ لأنّهم كانوا يزيدون في صومهم على ما فرضَ اللهُ عليهم أوَّلًا وآخِرًا، حتّى بدَّلُوا العبادةَ، فلهذا لا يجوز استقبال رمضان ولا تشييعه من أجله، ولأجل هذا قلنا في قول النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَسِتًّا مِنْ شَوَّالَ ... " الحديث (?) لأنّه لا يحلّ صلتها بيوم الفطر ولكن يصومها متى ما كان؛ لأنّ المقصود بالحديث: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَسِتًّا مِن شَوَّالَ ... " الحديث، فقد حصلت له المثوبة ثلاث مئة وستِّين يومًا، وذلك الدَّهْر؛ لأنّ الحَسَنَةَ بعشر أمثالها، فأفضلها أنّ تكون في عشر ذي الحِجَّة إذ الصّوم فيه أفضل منه في شوال.

حديث: قوله (?): "رُئِيَ الْهِلَالُ في زَمَانِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بِعَشِيٍّ، فَلَمْ يُفْطِرْ عُثْمَانُ حَتَّى أَمْسَى".

قال علماؤنا (?): في هذا دليلٌ على أنّه كان في رمضان، وأنّ الهلال الّذي رُئِيَ هو هلال شوال، ولا خلافَ بين النّاس أنّه إذا رُئِيَ لا يَخْلُو أَنْ يُرَى قبل الزَّوَالِ أو بعدَهُ، وأيّهما كان فإنّه للّيلة المستأنفة القابلة، وقيل: إذا رُئِيَ قبل الزّوال فإنّ مالكًا وأبا حنيفة والشّافعيّ وجمهور الفقهاء يقولون: إنّه لليلة القادمة، وقال ابن حبيب وابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015