منها (?)، وعَمّ أبي منصور، قال: لا يؤخذ في استهلال الهلال بقول المُنَجِّمين، خلافًا لبعض التّابعينَ.

وكذلك حدَّثني أبو الحسن الطّيوريّ، عن القاضي أبي الطَّيِّب الطَّبريّ، عن أبي حامد الإسفراييني إمام الشّافعية في وقته بمِثْلِهِ، فكُنْتُ كثيرًا ما أسطو على أبي الوليد بوَهَمِهِ، حتّى وجدتُ في "زِمامِ المياومة" أنّ أبا بكر ابن طرخان بن يلتكين حدثني؛ أنّه قرأ على أبي عُبَيْد قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "فَاقْدُرُوا لَهُ" أي: اقدروا له منازل القمر، قال أبو العبّاس بن سُرَيْج -رئيس مذهب الشّافعيّ ومُحْيِي رسم مذهبه-: هذا خطاب لمن خصّ الله بهذا الكلام (?)، وقوله: "فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ" خطاب للعامَّة.

قال الإمام: وهذه هَفوَةٌ لا مردَّ لها، وعثرةٌ لا إقَالَةَ فيها، وكبوة لا استقالةَ منها، ونبوة لا قُرْبَ معها، وزَلَّةٌ لا استقرارَ بعدها، أَوْهِ يا ابنَ سُرَيج! أين استمساكك بالشَّريعة! وأين صوارمك السُّرَيْجِيّة؟ تسلك هذا المضيق في غير طريق، وتخرج إلى الجهل بعد (?) العلّم والتّحقيق، ما لمحمد والنّجُوم! ومالك للترامي هكذا (?) والهجوم، ولو رُوِّيتَ من بحر الآثار، لانجلى عنك الغُبَار، وما خَفِيَ عليك في الرُّكُوبِ الفرس من الحمار، وكأنّك لم تقرأ في الصَّحيح من الحديث الصّريح، قوله: "نَحْنُ أُمَّةٌ أُمِّيَّة لَا نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذا"، وَأَشَارَ بيَدِهِ الْكَرِيمَة ثَلاَث إشَارَاتٍ، وَخَنَسَ بِإِبْهَامِهِ في الثَّالِثَةِ (?)، فإذا كان ابن سُرَيْج وبعض التّابعين يتعلّق بدقائق النُّجوم ودرجاتها، فإنّا نقول: نحن لا ننكر أصل الحساب، ولا جري العادة في تقدير المنازل، ولكن لا يجوز أنّ يكون المراد بتأويل الحديث ما تأوّله وذَكَرَهُ لوجهين:

أمّا أحدهما: فما تَفَطَّن له مالكٌ وجعله أصلًا في تأويل الحديث لمن بعدَهُ، وذلك أنَّه قال - صلّى الله عليه وسلم - في الحديث الأوّل: "فَاقْدُرُوا لَهُ" فجاء بلفظٍ مُحْتَمَلٍ، ثمّ فسَّرَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015