ودليلنا من جهة السُّنَّة: قولُه - صلّى الله عليه وسلم -: "سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ".
ودليلنا من جهة القياس: أنّ المجوسَ فِرْقَةٌ لا تجوزُ مناكحتهم ولا أكل ذبائحهم، عَكْسُه اليهود والنّصارى (?).
المسألة الرّابعة:
عندنا أنّه يجوز إقرار جميع الكُفَّار على الجِزْيَة.
وقال الشّافعيّ: لا يقرّ عليها إلَّا أهل الكتاب والمَجُوسِ.
وقال أبو حنيفة: يجوز إقرار جميعهم إلّا العرب من عَبَدَةِ الأوثان.
والدَّليلُ على ما نقوله: أنّ هذا أصلُ الكُفْرِ، فجاز إقراره على الجِزْيَةِ، كالكتابي، وهذا لا يصحُّ له.
المسألة الخامسة:
اختلفَ العلّماءُ على أيِّ وجهٍ تؤخذ منهم الجِزْيَة؟
فقال الشّافعي: تُجْزِيء عنهم فيما لزمهم من كِرَاءِ الأرضِ إذا نزلوا بدار الإسلام، فتعين عليهم الكراء.
والصّحيحُ أنّها بَدَلٌ عن القَتْلِ، قال الله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} الآية (?).
قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي (?): سمعتُ أبا الوفاء إمام الحنابلة عليّ بن عقيل في مجلس النّظر يتلوها ويحتجُّ بها، فقال: {قَاتِلُوا} (?) وذلك أمرٌ بالعقوبة (?)، ثم قال: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} (?) وذلك بيانٌ للذّنب الّذي أَوْجَبَ العقوبة (?). وقوله: {وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} (?) تأكيدُ الذَّنْبِ في جانب الاعتقاد (?). ثمّ